33 - عطا ملك بن محمد بن محمد، الأجل، علاء الدين، صاحب الدّيوان، ابن الصّاحب بهاء الدّين الْجُوينيّ، الخُراساني، [المتوفى: 681 هـ]
أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدّين.
كَانَ إليهما الحلّ والعقد فِي دولة أبغا، ونالا من الجاه والحشمة ما يتجاوز الوصف.
وفي سنة ثمانين قدم بغداد مجد الملك العجميّ، فأخذ صاحب الدّيوان علاء الدّين وغلّه وعاقبه، وأخذ أمواله وأملاكه، وعاقب سائر خواصه، فلمّا عاد منكوتمر من الشّام مكسورًا حمل علاء الدّين معهم إلى هَمَذان، وهناك مات أبغا ومنكوتمر، فلمّا ملك أرغون بْن أبغا طلب الأخوين فاختفيا، فتُوُفّي علاء الدّين فِي الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أمانًا من أرغون للصّاحب شمس الدّين وأحضره إلَيْهِ، فغدر بِهِ أرغون وقتله بعد موت أخيه بقليل، ثمّ فوّض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي، والمجد ابن الأثير، والأمير علي جكيبان، ثم قتل أرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام.
وكان علاء الدّين وأخوه فيهما كَرم وسُؤْدُد وخبرة بالأمور، وفيهما عدل ورفق بالرّعيّة وعمارة للبلاد.
ولي علاء الدّين نظر العراق سنة نيفٍ وستّين بعد العماد القزوينيّ، فأخذ فِي عمارة القرى وأسقط عَنِ الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل العراق، وعمر سوادها وحفر نهرًا من الفرات مبدأه من الأنبار ومُنْتهاه إلى مشهد علي رضي الله عنه، فأنشأ عَلَيْهِ مائة وخمسين قرية.
ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمّر صاحب الدّيوان بغداد حتّى كانت أجود من أيام الخليفة، ووجد أهل بغداد به راحه.
وحكى غير واحد أنّ أبغا قدم العراق، فاجتمع فِي العيد الصّاحب شمس الدّين وعلاء الدّين ببغداد، فأحصيت الجوائز والصِّلات التي فرَّقا، فكانت أكثر من ألف جائزة وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتابًا، ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار، وقد صنَّف شمس الدين محمد ابن الصَّيقل الْجَزَريّ خمسين مقامة وقدّمها، فأعطي ألف دينار.
وكان لهما إحسان إلى العلماء والصُّلحاء، -[454]-
وفيهما إسلام ولهما نظر فِي العلوم الأدبيّة والعقلية.
وفي وقتنا هذا الإِمَام المؤرخ العلامة أَبُو الفضل عَبْد الرزّاق بْن أَحْمَد ابن الفُوَطيّ مؤرخ عصره، وقد أورد فِي " تاريخه " الَّذِي عَلَى الألقاب ترجمة علاء الدّين مستوفاة: صاحب الديوان هو: الصدر المعظَّم، الصاحب، علاء الدّين، أَبُو المظَّفر، عطا مَلِك ابن الصاحب بهاء الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن أيّوب بْن الفضل بْن الربيع الْجُوينيّ، أخو الوزير شمس الدّين.
قرأت بخطّ الفُوَطيّ: كَانَ جليل الشأن تأدّب بخُراسان وكتب بين يدي والده، وتنقَّل فِي المناصب إلى أنْ ولي العراق بعد قتل عماد الدّين الدّوينيّ، فاستوطنها وعمّر النّواحي، وسدّ البُثُوق، ووفر الأموال، وساق الماء من الفرات إلى النَّجَف، وعمر رباطاً بالمشهد، ولم يزل مطاع الأمر، رفيع القدر، إلى أن بلي بمجد الملك فِي آخر أيّام أباقا بْن هولاكو، وكان موعودًا من السّلطان أَحْمَد أن يعيده إلى العراق، فحالت المنيّةُ دون الأُمنية، وسقط عن فرسه فمات، ونُقل إلى تبريز فدُفن بها.
وله رسائل ونظم، كتب لي منشورًا بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج الدّين عَلي بْن أنجب، وكان مولده فِي سنة ثلاثٍ وعشرين وستّمائة، ومدّة ولايته عَلَى بغداد إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر.
وقرأت بخطّة وفاة علاء الدّين فِي رابع ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وستمائة.