6 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر ابْن خَلَّكان، قاضي القضاة، شمسُ الدّين، أَبُو العبّاس البرمكي، الإربليّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 681 هـ]
ولد بإربل سنة ثمانٍ وستمائة , وسمع بها " صحيح الْبُخَارِيّ " من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مكرم الصّوفيّ وأجاز له: المؤيِّد الطُّوسيّ وعبد المُعِزّ الهَرَويّ وزينب الشِّعرية، روى عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ والطبقة.
وكان إمامًا، فاضلًا، بارعاً، متفنناً، عارفاً بالمذهب، حَسَن الفتاوَى، جيّد القريحة، بصيرًا بالعربيّة، علامةً فِي الأدب والشِّعر وأيّام النّاس، كثير الاطّلاع، حُلْو المذاكرة، وافر الحُرمة، من سَروات النّاس، قدِم دمشقَ في شبيبته، وقد تفقَّه بالمَوْصل على كمال الدين موسى بْن يونس، وأخذ بحلب عن القاضي بهاء الدّين ابن شدّاد وغيرهما.
ودخل الدّيار المصرية، وسكنها مدّةً، وتأهّل بها. وناب فِي القضاء عن القاضي بدر الدّين السّنجاريّ. ثمّ قدِم الشّام عَلَى القضاء فِي ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين منفردًا بالأمر، ثمّ أقيم معه القضاة الثلاثة في سنة أربعٍ وستين، ثم عُزل عَنِ القضاء فِي سنة تسعٍ وستّين بالقاضي عزّ الدّين ابن الصائغ، ثم عزل ابن الصّائغ بعد سبع سنين بِهِ. -[445]-
وقدم من الدّيار المصرية، فدخل دخولًا لم يبلُغنا أنّ قاضيًا دخل مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغلات والشُّهود، وكان يومًا مشهودًا. وجلسَ فِي منصب حكمه وتكلّمت الشعراء.
وكان كريمًا، جوادًا، ممدَّحاً. ثم عُزِل بابن الصّائغ، ودرّس بالأمينيّة إلى أن مات، وقد جمع كتابًا نفيسًا فِي " وَفَيَات الأعيان "، وتُوُفّي عشيّة نهار السبت السّادس والعشرين من رجب. وشيعة خلائق.
ومن شعره:
أيُّ ليل عَلَى المحب أطالَه ... سائقُ الظَّعْن يوم زمَّ جمالَه
يزجر العيسَ طاويًا يقطع المهـ ... ـمة عسفًا سهوله ورمالهْ
يسألُ الرَّبْعَ عن ظباء المُصَلَّى ... ما عَلَى الرَّبْع لو أجاب سؤالَهْ
هذه سنة المحبين يبكو ... ن عَلَى كلّ منزلٍ لا مَحَالَهْ
يا خليلي إذا أتيت ربى الجز ... ع وعاينت روضَهُ وتلالَهْ
قف بِهِ ناشدًا فؤادي فلي ... ثَمَّ فؤادٌ أخشى عَلَيْهِ ضلالَهْ
وبأعلا الكثيب بيت أغض الـ ... ـطرف عَنْهُ مَهابةً وجلالَهْ
حوله فِتْيةٌ تهزُّ من الخو ... ف عَلَيْهِ ذوابلًا عسّالَهْ
كلّ من جئته لأسألَ عنه ... أظهر العي غَيْرةً وتَبَالَهْ
منزِلٌ حقُّهُ عليَّ قديمٌ ... فِي زمان الصّبى وعصر البطالَهْ
يا عُرَيْب الحِمَى اعذروني فإني ... ما تجنبت أرضكم عن ملالهْ
لي مذ غبتُم عن العين نارٌ ... لَيْسَ تخبو وأدمعٌ هطّالَهْ
فصِلونا إنْ شئتم أو فصدُّوا ... لا عَدِمْناكم عَلَى كلّ حالَه