-سنة سبع وسبعين وستمائة

فدخل قاضي القضاة ابن خَلِّكان دمشق فِي أول العام وتلقّاه نائب السّلطان والدولة والأعيان، وفرح الأكابر بمَقْدَمِه ومدحه غيرُ واحدٍ من الشعراء، وتكلم نور الدين ابن مُصْعَب وأنشأ هَذِهِ الأبيات: -[209]-

رأيت أَهْل الشّام طُرًّا ... ما فيهم قَطُّ غيرُ راضِ

نالهم الخيرُ بعد شَرّ ... فالوقتُ بسْطٌ بلا انقباضِ

وعُوِّضوا فرحةً بحُزْنِ ... قد أنصف الدّهرُ فِي التّقاضي

وسَرَّهم بعد طول غمٍّ ... قدومُ قاضٍ وعَزْلُ قاض

فكُّلهُم شاكرٌ وشاك ... كحال مستقبل وماضي

وَفِي صفر أُديرت المدرسة الظاهرية بدمشق ولم تكن تكملت عمارتُها، وكانت قبل ذلك دار إمرة وتُعرف بدار العقيقيّ، فاشتُريت، فدّرس للشّافعية الشّيخ رشيد الدّين الفارقيّ، ودرّس للحنفية الشّيخ صدر الدّين سليمان.

وَفِي جُمَادَى الأولى ولي قضاء الحنفيّة بدمشق الشّيخ صدر الدّين سُلَيْمَان، بعد وفاة ابن العديم، فتُوفّي بعد ثلاثة أشهر، ووُلّي بعده القاضي حسام الدين الرومي قاضي ملطية.

وفي ذي القعدة أديرت المدرسة النجيبية وهي صغيرة، إِلَى جانب المدرسة النُّوريّة فدرّس بها قاضي القضاة ابن خلكان مديدة، ثم نزل عنها لولده. وفتحت أيضًا الخانكاه النّجيبيّة وكان سبب تأخر فتح المكانين عن تاريخ وفاة النُّجِيبيّ شُمُول الحَوْطة التركة والوقف.

وَفِي خامس ذي الحجّة كان عبور السّلطان الملك السعيد إلى قلعة دمشق وكان يومًا مشهودًا، وعُمِلت القباب، وفرح النّاس ودعوا له دعاءً كثيرًا وسُرّوا به سرورا زائدا لجودته ولينه.

وَفِي يوم عَرَفَه باشر الوزارة بمصر القاضي برهانُ الدّين الخَضِرُ بْن الْحَسَن السّنْجاريُّ بحُكم وفاة الوزير بهاء الدين ابن حنى بمقتضى مرسوم سلطاني.

وَفِي هَذَا الشهر وُلّي الوزارة بالشام الصّاحبُ فتْح الدّين ابن القَيْسرانيّ، وبسط يده وأمر القضاة بالركوب معه أول مباشرته.

وبعث السّلطان شطر الجيش للإغارة على بلاد سِيس وعليهم الأمير الكبير سيف الدّين قلاوون.

وبقي السلطان يتردد إلى المرج والزنبقية للفُرْجة، وجلس بدار العدل، -[210]-

وأسقط ما قرره أبوه على الأمداد، فسُرَّ النّاس ودعوا له على هَذِهِ الحَسَنَة العظيمة ولعل الله قد رحمه بها.

وفيها عُزِل عن الشّدّ بكتوت الأقرعيّ وأرسل إلى حلب على خبز الأمير علم الدّين الدّواداريّ، ثُمَّ أُحضر الدّواداريّ وأعطي شد الشام، فباشر في أواخر ذي الحجّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015