-سنة إحدى وسبعين وستمائة

ففي المحرم سار السلطان من دمشق إلى مصر على البريد وَفِي صُحبته البَيْسَريّ، وجرمك النّاصريّ، وأقوش الرُّوميّ، فوصلوا فِي ستّة أيّام، وأقام خمسة ورجع فوصل دمشق في خمسة.

وَفِي المحرَّم قدِم الكافر صاحب النُّوبة فنهب عيْذاب وقتل خلْقًا، منهم واليها وقاضيها، فسار مُتَوَليّ قُوص وقصد بلادَ النّوبة، فدخل بلد الجون وقتل مَن فِيهِ وأحرقه وكذا فعل بحمص إبريم وأرميا، وغير ذلك. وهو علاء الدّين أيْدغديّ الحرب دار.

وَفِي جُمَادَى الأولى بلغ السّلطانَ وهو بدمشق أنّ فرقةً من التّتار نازلوا البيرَة، فسار إِلَى حمص، ثُمَّ إِلَى بزاعَة، فأُخبر أنّ التتار ثلاثة آلاف على الفرات، فرحل إِلَى الفُرات وأمر الجيش بخَوْضها، فخاض الأمير سيف الدّين قلاوون وبدر الدين بَيْسَريّ فِي أوّل النّاس، ثُمَّ تبِعَهُما هُوَ ووقعوا على التّتار، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا نحو المائتين، وساق وراءهم البَيْسريّ إِلَى سَرُوج. أمّا الّذين نازلوا البِيرَة فإنّهم سمِعوا بِذَلِك، فترحلوا عن البيرة منهزمين وأتاها السّلطان فخلع على الكبار وفرَّق فِي أهلها مائة ألف درهم.

وللشّهاب محمود، أبقاه اللّه، في ذلك:

سر حيث شئت لك المُهَيْمنُ جارُ ... واحكُمْ فطَوْعُ مُرادك الأقدارُ

حَمَلْتكَ أمواجُ الفُرات ومَن رَأَى ... بحْرًا سِواك تُقِلُّه الأنهارُ

وتقطَّعت فرقًا ولم يكُ طَوْدَها ... إذ ذاك إلا جيشك الجرار -[196]-

وَفِي جُمَادَى الآخرة أفرج عن عزّ الدّين الدمياطي الأمير عن تسع سنين حبسها.

وَفِي رجب خُلع على الأمراء وفُرِّق فيهم نحو ثلاثمائة ألف دينار.

وَفِي شعبان أُطِلقَ عَلَمُ الدّين سِنْجَر الغتْميّ المعزي واشتراه السلطان.

وبعث السلطان رسل منكوتمر ابن أخي بَرَكة ومعهم رسولًا بتُحَفٍ وتقادم.

وفي شوال استدعى السلطان الشيخ خضرا شيخَه إِلَى القلعة فِي جماعةٍ حاققوه على أشياء ورموه بفواحش، فأمر باعتقاله. وكان السّلطان ينزل إليه ويحبه ويمازحه ويستصحبه فِي سائر أسفاره ويُمدّه بالعطاء ولا يرد شفاعاته وامتدت يده ودخل إِلَى كنيسة قُمامة فذبح قِسّيسها بيده ونهب أصحابُه ما فيها، ثُمَّ هجم كنيسة اليهود ونهبها وبدّع فيها. ودخل كنيسة الإسكندرية ونهب ما فيها وصيّرها مسجدًا وبنى له السّلطان مسجدًا وزاوية بالحُسَيْنيّة ومن أجْله بنى الجامع بالحُسَيْنيّة وماتا فِي شهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015