27 - عثمان بن محمَّد بن عَبْد الحميد، التنوخي، البَعْلَبَكيّ، العَدَويّ، الزاهد الكبير، شيخ ديْر ناعِس. [المتوفى: 651 هـ]
كان كبير القدر، صاحب أحوال وكرامات وعبادة ومجاهدات، ذكره خطيب زَمْلكا عبد الله ابن العز عُمر فقال: أخبرني إِسْمَاعِيل بن رضوان قال: كان الشَّيْخ عثمان يخرج مع إخوته إلى الحصاد فيأخذ معه إبريقًا ليتوضأ منه، فقال إخوته مرةً: كم تُبْطِلَنا بِصلاتك. وقام أحدهم برد الإبريق. فلما جاء وقت الصلاة قام إلى الإبريق وأخذه وتوضأ. فلما رأوه يتوضّأ قالوا له: لا تَعُدْ تحصد، قال: وحدثني أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن عَبْد الله بن عزيز اليُونينيّ قال: شاهدت الشَّيْخ عثمان وقد ورد عليه فُقراء، فأخرج إليهم فِي مِئْزَرٍ خبزًا فأكلوا، فرأيت الَّذِي فضل أكثر من الَّذِي جاء به. -[712]-
وقال عَبْد الدائم بن أَحْمَد بن عَبْد الدائم: وأخبرني العماد محمد بن عوضة، قال: عرض للشيخ الفقيه مَغَصٌ فقال لي: امضِ إلى الشَّيْخ عثمان وقُلْ له: قال لك الفقيه: لئن لم يسكُنْ وَجَعُ جَوْفه ليضربنك مائةَ عَصَاةٍ. فقلت: يا سيدي، وكيف تضربُه؟ فقال: الشَّيْخ عثمان أكرم على الله من أنْ أضربه. قال: وأخبرني ولده القُدوة الشَّيْخ مُحَمَّد، عن أبيه قال: صلينا بعض الأيام الضُّحى، وإذا بالمسجد قد امتلأ جنًا بحيث أني ما كنت أستطيع القيام، قال: فصحْتُ صيحة ظهر النور من تحت المسجد واستوحيت بالمشايخ، قال: فجاؤوا واستحييت من الخليل عليه السلام كون أنه جاء فِي نُصرتنا وما ودَّعته.
وأخبرني الشَّيْخ محمد قال: كنت بعض الليالي جالس وإذا رَجُل قد أقبل وبيده حرْبةٌ تلمع، ويخرج منها نارٌ يظهر لَهَبُها شرقًا وغربًا، فخرج إليه والدي وأخذ بيده فمَشَيا، فلما كان بعد الثلاثين ليلة رأيت ثلاثةَ رجالٍ على خيل، فقام والدي إليهم فاخذ بمعْرفَة فَرَس أحدهم، ووقف مكبوب الرأس. فلما كان من الغد رَأَيْت عند والدي رَجُل يحدثه ولا أرى شخصه، وهو يقول: جاء إلينا الشَّيْخ عَبْد الله اليُونينيّ ومعه حرْبةٌ، والشيخ عَبْد القادر، والشيخ عَدِيّ وسمى الآخر، وهمُ رُكّاب خيل، وأخبرونا أن المسلمين منتصرون على العدو. فلما كان تلك الليلة رَأَيْت والدي وهو يسير على السَّطح وهو يهدر كهدْر الأسد. فلما كان آخر الليل صفق صَفْقَتَيْن. فورخ بعضُ الجماعة تلك الليلة وإذا هِيَ ليلة كسروا الفرنج على المنصورة. أو ما هذا معناه.
قال: وأخبرني القُدوة إِبْرَاهِيم ابن الشَّيْخ عثمان قال: رأيت عند أَبِي رجالًا من لُبنان، فسمعتهم يتحدّثون، فذكروا شخصاً، فقال أحدهم: ما أعطى الفرقان، فسُئل عن الفُرقان قال: يفرق بين الحلال والحرام.
قال: وأخبرني أَبِي قال: كنت بين الفُرْزُل ونيحا وإذا بطيور في الهواء وهم يقولون: هذا قبر النبي آلية. -[713]-
قال: وأخبرني شيخنا أبو العبّاس أحمد ابن العماد إِبْرَاهِيم المقدسي قال: أَمَرَنِي رَسُول اللَّه صَلّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلّمَ فِي النَّوم بوداع الشَّيْخ عثمان، فلما جئت لأودعه قام إلى وقال: جئت تودّعني مثلما ودعتَ الشيخَ إِبْرَاهِيم؟ قلت: نعم.
قال: وأخبرني إِبْرَاهِيم أن أَبَاهُ لبِس من الشَّيْخ عَبْد الله اليُونينيّ، وأنه اجتمع بالشيخ أَبِي الْحَسَن الشعراني الَّذِي بجبل لبنان.
قلت: وللشيخ عثمان ذِكر فِي ترجمة الشَّيْخ الفقيه. وكان عديم النّظير في زمانه - رحمة الله عليه - وفيه خيرٌ وعِبادة، وله أوراد، وتُوُفّي فِي سادس شعبان من العام.