224 - الفضل بْن قُدَامة أَبُو النَّجْم الْعِجْلِيُّ الراجز، [الوفاة: 111 - 120 ه]
مِنْ طبقة العَجَّاج فِي الرَّجْز، وربّما قدَّمه بعضُهم عَلَى العَجَّاج
لَهُ مدائح فِي هشام بْن عَبْد الملك وغيره. ومن رَجْزِه: -[297]-
أوصيت من برة قلبا حرا ... بالكلب خيرا والحماة شرا
لا تسأمي خنقا لها وجرا ... حتى تَرَى حلَو الحياةَ مُرَّا.
ومن شعره:
لقد علمت عرسي فلانةٌ أنني ... طويل سنا ناري بعيدٌ خُمُودُها
إذا حلَّ ضَيْفي بالفلاةِ فلم أجدْ ... سوى مَنْبِتِ الأطنابِ شَبَّ وَقُودُها.
وله:
والمرءُ كالحالم فِي المنام ... يَقُولُ إنّي مدركٌ أمامي
فِي قابلٍ ما فاتَني فِي العام ... والمرءُ يُدْنيه مِنَ الحِمامِ
مَرُّ اللّيالي السُّودِ والأيامِ ... إنّ الفَتَى يصحّ للأسقامِ
كالغرض المنصوبِ للسِّهامِ ... أخطأ رامٍ وأصابَ رامٍ.
حكى الزبير بن بكار قال: قَالَ هشام للشعراء: صِفُوا لي إِبلا، قَالَ أَبُو النَّجم: فذهب بي الرَّوِيُّ إلى أنْ قلتُ:
وصارت الشّمسُ كَعَيْن الأحول
فغضب هشام - وكان أحْوَل - فَقَالَ: أَخْرِجوا هذا، ثم بعد مدّة أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَك أهلٌ؟ قُلْتُ: نعم، وابنتان. قَالَ: هَلْ زوَّجْتَهُما؟ قُلْتُ: إحداهما، قَالَ: فما أوصَيْتَها؟ قُلْتُ:
أوصيت مِنْ بَرَّةَ قلبًا حُرَّا ... بالكلب خيرًا والحَماةِ شَرَّا
لا تسأمي خَنْقًا لها وجَرًّا ... والحيُّ عُمِّيهم بشرٍ طُرَّا
وإنْ حَبَوُكِ ذَهَبًا ودُرًّا ... حتى يَرَوْا حُلْوَ الحياةِ مُرّا.
فضحك هشام حتى استلقى وقَالَ: ما هذه وصيَّةُ يعقوب بَنِيه! قُلْتُ: يا أمير المؤمنين، ولا أَنَا مثل يعقوب - عَلَيْهِ السَّلامُ -، قَالَ: فما زِدْتَها؟ قُلْتُ:
سبي الحماة وابْهَتِي عليها ... وإنْ دَنَتْ فازْدَلِفي إليها
واقرعي بالفهر مرفقيها ... وظاهري اليد بِهِ عَلَيْهَا
لا تُخْبِري الدَّهْرَ بِهِ ابنَتَيْها. -[298]-
وقال: فما فعلت أختها؟ قُلْتُ: دَرَجَت بين أبيات الحيّ ونَفَعَتْنا، قَالَ: فما قُلْتُ فيها؟ قُلْتُ:
كأنّ ظَلامَةَ أختَ شَيْبانْ ... يتيمةٌ ووالداها حَيَّانْ
الرأسُ قملٌ كُلُّهُ وصِئْبَانْ ... وليس فِي الرِّجْلَيْن إلا خَيْطانْ
فهي التي يَذْعر منها الشَّيْطَانْ.
فَوَصَلني هشامُ بدنانير، وقَالَ: اجْعَلْها فِي رِجْلَيْ ظَلامَة.
وهو القائل:
أنا أبو النجم وشعري شعري.