604 - عُمَر بن مُحَمَّد بن منصور، الحافظ المفيد عز الدِّين أبو حفص وأبو الفَتْح ابن الحاجب الأميني الدّمشقيّ. [المتوفى: 630 هـ]
عني بالحديث أتمّ عناية، وأوّل سماعه سنة عشر بعد موت ابن ملاعب فسمع من هِبَة الله بن الخضر بن طاووس - وهُوَ أقدم شيخٍ لَهُ - وموسى بن -[929]- عبد القادر، والشيخ المُوفَّق، وابن أبي لُقمة، وابن البُنّ، وطبقتهم بدمشق. والفتح بن عبد السّلام، وطبقته ببغداد. وعبد القويّ بن الجباب، وطبقته بمصر. وسَمِعَ بإربل، والمَوْصِل، والإسكندرية، والحجاز. وعمل " معجم " البقاع والبلدان التي سَمِعَ بها، و " معجم شيوخه " وهو ألف ومائة وبضعة وثمانون نفسًا.
قال الحافظ زكي الدِّين المُنذريّ: يقال: إنَّه لم يبلغ الأربعين. وكان فهمًا، متيقظًا، محصلًا. جمع مجاميع. وكانت لَهُ همة. وشرع في تصنيف " تاريخ " دمشق مذيلًا على الحافظ أبي القاسم.
وقرأت بخط السيف بن المجد، قال: خرجه خالي الحافظ، ثمّ طلب وسافر، وسَمِعَ منه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وأبو موسى الرُّعَيْنيّ، والجمال بن الصابوني، وغيرهم، وخرج لَهُ وللمشايخ تخاريج كثيرة.
وقد كتب ابن الكريم على " معجمه " بالبقاع:
هذا كتابٌ حوى فضلًا مؤلفه ... الحافظ الخير عز الدِّين ذو الفطن
من فضله شاع في شامٍ وسار إلى ... أرض العراق إلى مصرٍ إلى عدن
قال السيف: وسمعت غير واحد يحكي أن جماعة منهم البِرْزَاليُّ سمعوا أجزاءً على شيخ، ثمّ تقاسموا أنهم لا يُظهرون ذلك - زادني عبد الرحمن بن هارون أن الشيخ كَانَ عبد الرحمن بن عُمَر النساج - فسهل الله ظهور عُمَر بن الحاجب عليه من غير جهتهم، فجمع جماعةً، وجاء فسمعه عليه، واشتهر، وحجَّ معادلًا للتقي أحمد بن العزّ، فكان يمشي كثيرًا لطلب السماع في الأماكن من أقوامٍ في الركب، وكان التّقيّ يتأذى بركوبه وسط الجمل. ورأيته حين قَدِمَ بغداد صام أوّل يوم قَدِمَها، إذ قيل: إن الفَتْح بن عبد السّلام في الأحياء. وكان يصوم كثيرًا يستعين بذلك على طلب الحديث. وأقام ببغداد مدّة أشهر، فما وني ولا فتر، كَانَ يسمع ويكتب، وكان المحدثون ببغداد يتعجبون منه ومن كثرة طلبه.
وقال الضّياء: تُوُفّي في ثامن وعشرين شعبان صاحبُنا الشاب الحافظ أبو حفص بن الحاجب بدمشق ولم يبلغ أربعين سَنَة. وكان دينًا، خيرًا، ثبتًا، متيقظًا، قد فهم وجمع. -[930]-
قلت: وسَمِعَ منه الحافظ أبو إسحاق الصريفيني، وأبو الحَسَن بن البالسي أيضًا.
وكان جدّه منصور بن مسرور حاجبًا لأمين الدَّولة صاحب بصرى.
وأنبأنا الجمال أبو حامد، قال: أخبرنا ابن الحاجب، قال: أَخْبَرَنَا عبد السّلام بن عبد الرحمن بن سكينة، قال: أَخْبَرَنَا فورجة، فذكر حديثًا.
ثمّ قرأت مولد ابن الحاجب بخطّه سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة.