وإنْ تعلَمْ هِيَ وأهلُها بإسلامي فلا مال لي، فائذنْ لي فأُسْرِعُ السيرَ ولا يسبق الخبر.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلا أُرِيدُ إتيانهم، فأنا في حلٍ إن أنا نلت منك، فقلت شَيْئًا؟ فَأَذِن لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ، وَقَالَ لَهَا: أَخْفِي عَلَيَّ وَاجْمَعِي مَا كَانَ عِنْدَكِ لِي، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ. فَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَاشْتَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَلَغَ مِنْهُمْ. وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا. فَبَلَغَ الْعَبَّاسَ الْخَبَرُ فَعُقِرَ وَجَعَلَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: فأخبرني عثمان الجريري، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: قُثَمُ وَاسْتَلْقَى وَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وهو يقول:
حي قثم ** شبيه ذِي الأَنْفِ الأَشَمْ
فَتًى ذِي النَّعَمِ ** بِرَغْمِ مَنْ رَغِمْ
قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ غُلامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ: وَيْلَكَ، مَا جِئْتَ بِهِ وَمَا تَقُولُ؟ وَالَّذِي وَعَدَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ: يَا غُلامُ أَقْرِئْ أَبَا الْفَضْلِ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: فَلْيُخْلِ لِي فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ فَآتِيهِ، فَإِنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الْعَبْدُ بَابَ الدَّارِ، قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِافْتِتَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَغَنْمِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصطفى صفية، ولكن جئت لمالي، وأني استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لي، فأخف عَلَيَّ يَا أَبَا الْفَضْلِ ثَلاثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا شِئْتَ. قَالَ: وَجَمَعَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَتَاعَهُ، ثم انشمر، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاثٍ، أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ، لا يُحْزِنُكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي