-سنة إحدى وعشرين وستمائة

فيها استردّ الأشرفُ خِلاطَ من أخيه شهاب الدّين غازي، وأبقى عليه ميّافارقين.

وفيها ظهر السّلطان جلال الدّين ابن خُوارزم شاه - بعدما انفصل عن بلاد الهند وكِرمان - على أَذْرَبَيْجَان، وحكم عليها، وراسله الملكُ المعظُّمُ لِيُعينه على قتال أخيه الأشرف، وكتب المعظُّمُ إلى صاحب إرْبِلَ في هذا المعنى، وبعث ولده النّاصر داود إليه رهينةً.

وفيها استولى بدرُ الدِّين لؤلؤٌ على المَوْصِل، وأظهر أنّ محمود ابن المَلِك القاهر قد توفّي، وكان قد أمر بخنقه.

وفيها بنيت دار الحديث الكامليّة بين القصرين، وجعل أبو الخطّاب بن دحية شيخها.

وفيها قَدِمَ الملكُ المسعود أقسيس على أبيه الملك الكامل، من اليمن، طامعًا في أخْذ الشّام من عمّه المعظُّم، وقدَّم لأبيه أشياءَ عظيمة منها: ثلاثة فيلة، ومائتا خادم.

قال ابن الأثير: وفيها عادت التّتارُ من بلاد القَفْجَاق، ووصلت إلى الرَّيّ، وكان من سلم من أهلها قد عمَّروها، فلم يشعروا إلّا بالتّتر بغتةً، فوضعوا فيهم السّيفَ، وسَبَوْا، ونهبُوا، وساروا إلى سَاوَةَ، ففعلوا بها كذلك، ثمّ ساروا إلى قُمَّ وقاشان، وكانت عامرةً، فأخذوها، ثمّ وصلوا إلى هَمَذَانَ فقتلوا أهلَها، ثمّ ساروا إلى تبريز، فوقع بينهم وبين الخوارزميّة مصافٌّ. -[632]-

وفيها سار غياثُ الدِّين محمد ابن السُّلطان علاء الدِّين محمد خُوارزم شاه إلى بلاد فارس، فلم يشعر صاحبُها أتابِك سعدٌ إلّا بوصوله، فلم يتمكّن من الامتناع، واحتمى بقلعة إصْطَخْرَ، فملك غياثُ الدِّين شيراز بلا تعب، وأقام بها، واستولى على أكثر بلاد فارس، وبقي لسعدٍ بعضُ الحصون، وتصالحا على ذلك.

وفيها أو قبلَها بيسير جرت واقعةٌ قبيحة، وهي أنّ الكُرْج - لَعَنَهم الله تعالى - لم يبق فيهم من بيت المُلك أحدٌ سوى امرأةٍ، فملَّكوها عليهم.

قال ابن الأثير: طلبوا لها رجلًا يتزوَّجُها، وينوبُ عنها في المُلْك، ويكون من بيت مملكة، وكان صاحب أرزن الرّوم مغيث الدّين طغريل شاه بْن قَلِيج أرسلان بْن مَسْعُود بْن قِليج أرسلان، وهو من الملوك السّلجوقية، وله ولد كبير، فأرسل إلى الكُرْج يَخْطُبُ الملكةَ لولده، فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مسلمٌ، فقال لهم: إنَّ ابني يتنصَّرَ ويتزوّجها، فأجابوه، فتنصَّر، وتزوَّج بها، وأقام عندها حاكمًا في بلادهم، نعوذُ بالله من الخذلان، وكانت تهوى مملوكًا لها، وكان هذا الزّوجُ يسمع عنها القبائحَ، ولا يُمكنه الكلام لعجزه، فدخل يومًا، فرآها مع المملوكِ، فأنكر ذلك، فَقالَتْ: إنْ رضيتَ بهذا، وإلّا أنتَ أخبرُ، ثمّ نقلته إلى بلد، ووكَّلَتْ به، وحَجَرتْ عليه، وأحضرت رجلين وُصِفَا لها بِحُسْنِ الصورة فتزوّجت أحدهما، وبقي معها يسيرًا، ثمّ فارقتْه، وأحضرت آخر من كَنْجَة وهو مُسْلم، فطلبت منه أن يتنصَّر ليتزوّجها، فلم يفعل، فأرادت أنْ تَتَزَوّجَهُ، فقام عليها الأمراءُ ومعهم إيواني مقدَّمهم، فقالوا لها: فضَحْتِنا بينَ الملوك بما تفعلين، قال: والأمرُ بينهم متردّد، والرجل الكُنْجِيّ عندهم، وهي تهواه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015