561 - مُحَمَّد بْن خَلَف بْن راجح بْن بلال بن هِلال بن عيسى بن موسى بن الفَتْح بن زُرَيْق، الإِمَام شهابُ الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه المَقْدِسيّ الحنبليّ. [المتوفى: 618 هـ]
وُلِدَ سنة خمسين وخمسمائة ظنًا بجَمّاعيل، ورحل مَعَ الحَافِظ عَبْد الغني سنة ستٍّ وستين إلى الحَافِظ السِّلَفيّ فأكثر عَنْهُ، ورجع فرحل إلى بَغْدَاد وَسَمِعَ من أبي محمد ابن الخشاب، وشُهْدة، وَأَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ، -[556]- وطبقتهم. وَسَمِعَ بدمشق من أَبِي المكارم عَبْد الواحد بن هلال، وَأَبِي المعالي بن صابر.
قَالَ الضِّيَاء: اشتغل ببَغْدَاد بالخلاف عَلَى الإِمَام أبي الفتح ابن المَنِّي، وصار أوحد زمانه في علم النَّظر. وَكَانَ يناظر ويقطع الخصوم، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ ابن الجوزي كَانَ تركني عنده، وَكَانَ يكرمني ويخصّني بالْأشياء لكوني عنده.
قَالَ الضِّيَاء: وَلَمَّا عاد إلى دمشق كان يمضي ويناظر الحنفية، ويتأذون منه. وألبسه شيخه ابن المني طرحة. وسمعت خالي الإمام مُوَفَّق الدِّين يَقُولُ: كَانَ إذا كَانَ لنا عند إِنْسَان ببَغْدَاد شيء لَا نقدر عَلَى تحصيله؛ أرسلنا إليه الشِّهَاب. ثُمَّ إِنَّهُ مرض مرضًا شديدًا، واصفر لونه، وكان بعض النَّاس يَقُولُ: إِنَّهُ مسحور - واللَّه أعلم -. وَهُوَ كثير الخير والصلاة، سليم الصدر. ولقد رأيتهم بجَمّاعيل يعظّمونه تعظيمًا كبيرًا، ولا يشكون في ولايته وكراماته، ولَعَمْري لقد كَانَ عَلَى خيرٍ كثير من الدِّين والصلاح والذكر وسلامة الصدر. وَسَمِعْتُ الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْجَبَّار يَقُولُ: حَدَّثَنِي جماعة من جماعيل فهم: خالي عُمَر بن عَوَض قَالَ: وقَعَتْ في جمّاعيل فتنةٌ؛ فخرج بعضهم إلى بعض بالسيوف، وَكَانَ الشِّهَاب عندنا، قَالُوا: فسجد ودعا اللَّه. قَالُوا: فضرب بعضهم بعضًا بالسيوف فما قطعت السيوف شيئًا. قَالَ عُمَر: فلقد ضربتُ رجلًا بسيفي؛ وَكَانَ سيفًا مشهورًا فما قطع شيئًا. وكانوا يرون أَنَّ هَذَا ببركة دعائه.
وَقَالَ عمر ابن الحاجب في " معجمه ": هُوَ إمام محدِّث فقيه عابد، دائم الذكر، لَا تأخذه في اللَّه لومة لائم، صاحب نوادر وحكايات، وعنده وسوسة زائدة في الطّهارة. وَكَانَ يحدّث بعد الْجُمُعة من حفظه، وكانت أعداؤه تشهد بفضله.
وَقَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ: كَانَ كثير المحفوظات، متحريًا في العبادات، حسن الْأخلاق.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الضِّيَاء، والمُنْذِريّ، والبِرْزَاليّ، وابن عَبْد الدّائم، -[557]- وَالقُوصِيّ، وشمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن، والفخر عَليّ، والشمس ابن الكمال، وأبو بكر بن طرخان، والتقي ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزَّين، وَمُحَمَّد بن مؤمن، وَإِبْرَاهِيم بن حَمْد، وأبو بكر ابن الْأَنْمَاطِي.
وحَدَّثَنَا عَنْهُ العماد عَبْد الحَافِظ، والعزّ إسْمَاعِيل بن المُنادي، والعزّ أَحْمَد بن العِماد، والشمس مُحَمَّد ابن الوَاسِطِيّ، وَعَائِشَة بنت المجد عيسى.
وقرأت وفاته بخطّ الضِّيَاء في التاسع والعشرين من صفر.