506 - زمرد خاتون، التركية الجهة المعظمة، أم أمير المؤمنين الناصر لدين الله.

506 - زُمُرُّد خاتون، التُّركيَّة الجهة المعظّمة، أمّ أمير المؤمنين النّاصر لدين اللَّه. [المتوفى: 599 هـ]

عاشت فِي خلافة ابنها أربعًا وعشرين سنة. وحجّت، ووقفت المدارس والرُّبَط والجوامع. ولها وقوفٌ كثيرة فِي القُرُبات. وقد أنفقت فِي حَجَّتها نحوًا من ثلاث مائة ألف دينار.

وحزن عليها الخليفة ومشى أمام تابوتها، وحُمِلت إِلَى تُربة معروف الكَرْخِيّ، وشيّعها الأكابر. وكاد الوزير أن يهلك من المشْي، وقعد يستريح مرّات، وعُمِل عزاؤها شهرًا وأُنشِدَت المراثي. وأمر الخليفة بتفريق ما خلَفته من ذهب وجوهر وثياب.

وتُوُفّيت فِي ربيع الآخر.

قال لنا ابن البُزُوري فِي تاريخه: عظُمَ على الخليفة مُصابُها، وتجرّع لفقْدها مُرّ الأحزان وصابَها. وتقدّم إِلَى الوزير وأرباب الدّولة، الكلّ والمدّرسين بالحضور إِلَى باطن دار الخلافة للصّلاة عليها، فلبِسوا ثياب العزاء، ورفعت الغرز والطَّرْحات والبَسْمَلة من بين يدي الأمراء. وخرج الوزير نصير الدين ابن مهديّ ماشيًا من داره إِلَى دار الخلافة. وصلى عليها ولدُها، ثُمَّ أمَّ بالجماعة الوزير، وأُنزِلت فِي الشَّبّارة، ونزل النّاس فِي السُّفن قيامًا، ولم يزل الوزير وأرباب المناصب يتردّدون إِلَى التُّرْبة شهرًا كاملًا بثياب العزاء. ولا ضُرِبَ طبل، ولا شُهِر سيف، ولا نودي ببسم اللَّه. قال: ودام لبْس ثياب العزاء سنة كاملة.

قلت: وهذا أمرٌ لم يُعمل مثله بأحدٍ بل ولا بخليفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015