98 - مُحَمَّد بْن علي بن فارس بن علي، أبو الغنائم ابن المعلّم الواسطيّ، الهُرثي، [المتوفى: 592 هـ]
الشّاعر المشهور. والهُرث: من قرى واسط.
وُلِد سنة إحدى وخمسمائة. وانتهت إليه رياسة الشِّعر فِي زمانه. وطال عُمره حتّى صار شيخ الشّعراء فِي وقته وسار شِعره، واشتهر ذِكْره، وقد أكثر القولَ فِي المديح والغَزَل.
قال ابن الدُّبيثي: سمعت عليه أكثر شِعره بواسط، وبالهُرث، فأنشدنا لنفسه:
يا مُبيحَ القَتْلِ فِي دِين الهَوَى ... أنتَ مِن قَتلي فِي أوسَعِ حِلِّ
اغضُضِ الطَّرف فنيران الهوَى ... لَم تدعْ لي كَبدًا تُرمى بِنَبلِ
هَبكَ أغليتَ وصالي ضِنَّةً ... منكَ بالحُسنِ فلِم أرخَصتَ قَتلي؟
فلَحُبيّ لكَ أحببتُ الضَّنَا ... لست بالطّالبِ بُرئِي يا مُعِلّي
وله:
يا نازلينَ الحِمَى رِفقًا بقَلبِ فتًى ... إن صاحَ بالبَينِ داعٍ فهو مُضمِرُه
مقسمًا حذر الواشي يغيبُ به ... عنه وأم الهَوَى العُذريّ يُحضِره
كم تستريحون عن صُبحي وأتعِبه ... وكم تَّنَامُون عن ليلي وأُسهِرُه
لا تحسبوا البُعد عن عَهدِ يغيّرني ... غيري ملازمةُ البلوى تغيّرُه
فَمَا ذكرتكمُ إلا وهِمتُ جوًى ... وآفةُ المُبتلى فيكم تَذَكُّرُه
وتستلذّ الصّبا نفسي، وقد علمت ... أن لا تمرّ بصافٍ لا تكدّرُه
سلا بوجديَ عن قيسٍ مُلوَّحُه ... وعن جميلٍ بما ألقاه مَعمَرُه
يزداد فِي مسمعي تكرارُ ذِكركُم ... طِيبًا ويحسُنُ فِي عيني مكرَّرُه
وله مما سمعه منه أبو الحسن ابن القَطِيعيّ: -[986]-
تنبّهي يا عَذَبَاتِ الرَّند ... كم ذا الكَرَى هَبَّ نسيمُ نجدِ
مرَّ على الرَّوض وجاء سَحَرًا ... يَسحَبُ بُردَي أرَجِ وبردِ
حتّى إذا عانقتُ منه نفحةً ... عادَ سَمُومًا والغَرَامُ يُعدي
أُعَلِّلُ القلبَ ببانِ رامةٍ ... وما ينوبُ غُصُنٌ عن قدٍّ
وأَقتصي النَّوحَ حماماتِ الِّلوَى ... هيهاتَ ما عند اللِّوى ما عندي
ما ضرِّ مَن لم يسمحوا بزَورةٍ ... لو سمحوا عن طَيفهم بوعدِ
وله:
أأحبابنا إنّ الدّموع الّتي جَرَت ... رخاصاَ على أيدي النَّوى لغَوَالي
أقيموا على الوادي ولو عُمرَ سَاعةٍ ... كلَوثِ إزَارٍ أو كَحَلِّ عقالِ
فكم تمّ لي من وقفةٍ لو شَرَيتُها ... بروحي لم أُغبَن فكيف بمالي؟
وله:
هُوَ الحِمَى ومغانيه مغانيه ... فاحبس وعانِ بليلى ما تعانيهِ
لا تسأل الركبَ والحادي فما سأل ... العشاق قبلك عن ركْب وحاديهِ
ما فِي الصِّحاب أخو وَجدٍ أُطارحُهُ ... حديثَ نجدٍ ولا صَبٍّ أُجاريه
إليك عن كلّ قلب فِي أماكنهِ ... ساهٍ كلّ دمعٍ فِي مآقيه
ما واحدُ القلب فِي المعنى كفاقده ... وجامد الدّمع فِي البَلوى كجاريه
يا منزلًا بدواعي البَين مُنتَهبٌ ... وما البليَّة إلّا من دواعيه
وَقَفتُ أشكو اشتِياقِي والسِّحابُ به ... فانهَلّ دَمْعي وما انهلَّت عزاليه
ومالكٍ غير قتلي ليس يُقنِعُهُ ... وفاتكٍ غيرَ ذُليّ ليس يرضيهِ
لم أدرِ حينَ بدا والكأسُ فِي يَدِهِ ... من كأسِه الخمرُ، أَمْ عينيه، أمْ فيهِ
حَكَت جواهرُه أيّامه فَصَفَت ... واستهدتِ الشمس معنى من معانيهِ
تُوفي فِي رابع رجب بقَريتهِ، وقد أنشد أبو الفَرَج ابن الجوزيّ من شِعره على المنبر.