عشر سنين، وأن يخلُّوا بينه وبين مكة من العام المقبل، فيقيم بِهَا ثلاثًا، وأنه لا يدخلها إلّا بسلاح الراكب والسيوف فِي القِرَب، وإنّه من أتانا من أصحابك بغير إذْن ولِيِّه لم نردّه عليك، ومن أتاك منا بغير إذن وليه رددته علينا، وأنّ بيننا وبينك عَيْبَةٌ مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال. وذكر الحديث.
الإِسلال: الخفية، وقيل: الغارة، وقيل: سلّ السيوف، والإِغلال: الغارة.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - مشركي مكة كتب بينهم كِتَابًا: " هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ". قَالُوا: لَو عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ. قَالَ لِعَلِيٍّ: " امْحُهُ ". فَأَبَى، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ، وَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمُوا ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلُوا مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلَّا جُلُبَّانَ السِّلَاحِ - يَعْنِي السَّيْفَ بِقِرَابِهِ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - للصلح كَانَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اكْتُبْ: " هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ". فَجَعَلَ عَلِيُّ يَتَلَكَّأُ وَيَأْبَى أن يكتب إلا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اكْتُبْ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهَا تُعْطِيهَا وَأَنْتَ مُضْطَهَدٌ "، فَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.