291 - الْحَسَن بْن صافي بْن عَبْد اللَّه، أَبُو نِزار، الملقّب بملك النُّحَاة البغداديّ، النَّحْوِيّ. [المتوفى: 568 هـ]
وُلِد سنة تسع وثمانين وأربعمائة.
وسمع الحديث من نور الهدى أَبِي طَالِب الزَّيْنَبيّ. وقرأ النَّحْو عَلَى أَبِي الْحَسَن علي بْن أَبِي زيد الفَصِيحيّ. وعلم الكلام عَلَى مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر القَيْروانيّ. والأصول عَلَى أبي الفتح أحمد بن علي بن برهان. والخلاف عَلَى أسعد المِيهَنيّ. وصار أنْحَى أهل طبقته.
وكان فصيحًا، ذكيًا، متقعرًا، معجبًا بنفسه، فِيهِ تيه وبَأْو، لكنّه صحيح الاعتقاد.
ذكره ابن النّجّار وطوَّل، وقال: أَبُوهُ مولى لحسين الأُرْمَوِيّ التّاجر، لَهُ كتاب " الحاوي " فِي النَّحْو مجلدان، و " العمد " في النحو مجلد، و " التصريف " مجلد، و " علل القراءات " مجلدان، و " أصول الفقه " مجلدان، و " أصول الدّين " مجلّد صغير، وله " التّذكرة السَّفَرِيَّة " عدَّة مجلّدات.
قلت: سكن واسط مدَّة بعد العشرين وخمسمائة، وحملوا عَنْهُ أدبًا كثيرًا، ثمّ صار إلى شِيراز، وكرْمان، وتنقّلت بِهِ الأحوال إلى أن استقرّ بدمشق.
وكان يقال لَهُ أيضًا حُجَّة العرب. وكان أحد النحاة المبرزين، والشعراء المجودين. وله عدَّة تصانيف. -[393]-
ذكره العماد الكاتب، فقال: أحد الفضلاء المبرزين، بل واحدهم فضْلًا، وماجدهم نُبْلًا. وبالغَ فِي وصفه بالعلم والرياسة والكَرَم والإفضال.
وقال ابن خَلِّكان: لَهُ مصنَّفات فِي الفِقْه والأَصْلَيْن والنَّحْو. وله ديوان شِعر، فمِن شِعْره:
سَلَوْتُ بحمدِ اللَّهِ عَنْهَا فأصبحت ... دواعي الهوى من نحوها لا أجيبها
عَلَى أنني لا شامت إن أصابها ... بلاء ولا راضٍ بواشٍ يعيبها
وروى عَنْهُ جماعة منهم القاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ. وتُوُفّي في تاسع شوال، ورئي فِي النّوم فقال: غفر لي ربّي بأبياتٍ قلتها، وهي:
يا ربِّ ها قد أتيتُ معترفًا ... بما جَنَتْه يدايَ من زَلَلِ
ملآنَ كَفٍّ بكلّ مَأْثَمَةٍ ... صِفْرَ يدٍ من محاسنِ العَمَلِ
وكيف أخشى نارًا مُسَعَّرةً ... وأنت يا رب في القيامة لي
قال الصاحب فِي " تاريخ حلب ": ذكر لي شمس الدّين مُحَمَّد بْن يوسف بْن الخَضِر أنّ ملك النُّحاة خلع عَلَيْهِ نور الدّين خِلْعةً فلبسها، ومرَّ بطُرُقيّ قد علَّم تَيْسًا إخراج الخَبِيَّة بإشاراتٍ علَّمها التَّيْسَ، فوقف ملك النُّحاة عَلَى الحلقة وهو راكب، فقال الطُّرُقيّ: فِي حلقتي رِجْل رَجُلٍ عظيم القدْر، ملك فِي زِيّ عالِم، أعلم النّاس، وأكرم النّاس، فأرِني إيَّاه. فشقّ التَّيْسُ الحَلَقة، وخرج حتّى وضع يده عَلَى ملك النُّحاة فما تمالك أن نزع الخِلْعة ووهبها للطُّرُقيّ. فبلغ ذَلِكَ نورَ الدّين، فعاتَبَه عَلَى فِعْله، فقال: يا مولانا عُذْري واضح، لأنّ فِي بلدك مائة ألف تَيْس، ما فيهم مَن عرف قدرْي غير ذَلِكَ التَّيس! فضحِك نور الدّين منه.