259 - عرقلة، الشّاعر المشهور [المتوفى: 567 هـ]
هُوَ أَبُو النَّدَى حسّان بْن نُمَيْر الكلبيّ، الدّمشقيّ، شاعر مُجِيد، ونديم خليع، وأعور مطبوع، وهو القائل فِي دمشق:
أما دمشقُ فجنّاتٌ مزَخْرَفَةٌ ... للطّالبين بها الوِلْدان والحورُ
ما صاح فيها عَلَى أوتاره قمرٌ ... إلّا وغناه قمري وشحرور
يا حبذا ودروع الماء تنسجها ... أنامل الريح إلا أنّها زُورُ
وله وقد ولي صلاح الدّين يوسف بْن أيّوب شحنكية دمشق لنور الدّين في سنة ستين وخمسمائة:
رُوَيْدَكم يا لصوصَ الشّامِ ... فإنّي لكم ناصحٌ فِي المقالِ
أتاكم سَمِيُّ النَّبِيّ الكريم ... يوسف ربّ الْحِجَى والْجَمالِ
فذلك يقطعُ أيدي النِّسا ... وهذا يُقطّع أيدي الرجالِ
وكان صلاح الدّين وَعَده إنْ أخذ مصر أن يُعطيه ألف دينار، فلما ملكها قال فيه: -[375]-
قل للصلاح مُعِيني عند افتقاري ... يا ألف مولاي أَيْنَ الألف دينار؟
أخشى من الأسر إنْ حاولتُ أرضَكُم ... وما تقى جنَّة الفردوس بالنّار
فجُدْ بها عاضديات موفرة ... من بعض ما خلف الطاغي أخو العار
حمرًا كأسيافكم غرًا كخيلكم ... عُتْقًا ثِقالًا كأعدائي وأطمارِي
فأعطاه ألف دينار وأخذ لَهُ من إخوته مثلَها، فجاءه الموت فجاءة ولم ينتفع بفجاءة الغِني.
ومن شِعره:
عندي لكم من الأشواق والبَرحَا ... ما صيّر الجسم من بعد الضّنّا شَبَحا
أحبابنا لا تظنّوني سَلَوْتُكُم ... الحال ما حال والتّبريح ما برحا
لو كَانَ يسبح صَبٌّ فِي مَدَامعه ... لكنتُ أوّل مَن فِي دمعه سَبَحا
أو كنتُ أعلم أنّ البَيْن يقتلني ... ما بنت عنكم ولكن فات ما ربحا
وله:
ترى عند من أحببته لا عدِمْته ... من الشّوق ما عندي وما أنا صانع
جميعي إذا حدّثت عَنْ ذاك أعين ... وكلّي إذا نُوجيت عَنْهُ مسامعُ
ولعرقلة ديوانٌ مشهور، تُوُفّي بدمشق فِي حدود سنة سبْعٍ هذه.