33 - نبا بن محمد بن محفوظ، الشيخ أبو البيان رضي الله عنه،

33 - نبا بْن مُحَمَّد بْن محفوظ، الشَّيْخ أبو البيان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، [المتوفى: 551 هـ]

شيخ الطّائفة البيانيَّة بدمشق.

كان كبير القدر، عالمًا، عاملًا، زاهدًا، قانتًا، عابدًا، إمامًا فِي اللّغة، فقيهًا، شافعي المذهب، سَلَفيَّ المعتَقَد، داعية إلى السُّنَة. له تواليف ومجاميع، وشعر كثير، وأذكار مسجوعة مطبوعة، وقبره يُزار بمقابر باب الصّغير.

ولم يذكره ابن عساكر فِي " تاريخه "، ولا ابن خلَّكان فِي " الأعيان ".

تُوُفّي وقت الظُّهْر يوم الثلاثاء ثاني ربيع الأوّل، ودُفِن من الغد، وشيّعه خلْقٌ عظيم.

وقرأت بخطّ السَّيّف ابْن المجد؛ الشَّيْخ الفقيه أبو البَيَان نَبَا بْن محمد بن محفوظ القرشي، الشافعي، رحمه الله، المعروف بابن الحورانيّ، سمع أَبَا الْحَسَن عليّ ابن الموازيني، وأبا الحسن عليّ بْن أَحْمَد بْن قُبَيْس المالكيّ. وكان حَسَن الطّريقة، قد نشأ صبيًّا إلى أنّ قضى متدينًا، تقياً، عفيفًا، مُحِبًّا للعِلم والأدب والمطالعة للغة العرب.

قلت: روى عَنْهُ يُوسُف بْن عَبْد الواحد بن وفاء السلمي، والقاضي أسعد بن المنجى، والفقيه أَحْمَد العراقيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدَان، وغيرهم.

أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو مُحَمَّد عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، قال: أخبرنا العلامة أبو محمد بن قدامة، قال: حدثني أبو المعالي أسعد بن المنجى، قال: كنت يَوْمًا قاعدًا عند الشَّيْخ أبي البَيَان، رحمه اللَّه، فجاءه ابن تميم الَّذِي يدعى الشيخ الأمين، فقال له الشَّيْخ بعد كلامٍ جرى بينهما: ويْحك، ما أنحسكم، فإن -[38]- الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدّليل على أنّ القرآن بحرفٍ وصوت؟ قَالُوا: قال اللَّه كذا، وقال رسوله كذا، وذكر الشَّيْخ الآيات والأخبار؛ وأنتم إذا قيل لكم: ما الدّليل على أنّ القرآن مَعْنَى فِي النَّفْس؟ قلتم: قال الأخطل: إنّ الكلام من الفؤاد، إيش هذا، نصرانيٌّ خبيثٌ بَنَيْتُمْ مذهبَكم على بيت شِعْرٍ من قوله وتركتم الكتاب والسنة!!.

وحدُّث أبو عبد الله محمد بْن إِبْرَاهِيم المعدَّل فِي " تاريخه" قال: حكى جماعة من ثقات الدّمشقيّين أنّ طائفة من أصحاب الشَّيْخ أبي البَيَان، بعد وفاته بأربع سنين، اجتمعوا وجمعوا دراهم واتّفقوا على أنّ يبنوا لهم مكانًا يجتمعون فيه للذكر، واشتروا أخصاصًا وبواري ومصاطيج، وشرعوا فِي حفر الأساس، والفقراء قد فرحوا وهم يعملون، فبلغ ذلك نور الدِّين، فسيَّر إليهم من يمنعهم، فنزل إليهم الرسول من القلعة، فالتقاه في الطريق الشَّيْخ نصر صاحب أبي البَيَان، فقال له: أنت رسول محمود بمنع الفقراء من البناء؟ قال: نعم. قال: ارجع إليه وَقُلْ بعلامة ما قمت قي جوف الليل وسألت الله في باطنك أنّ يرزقك ولدًا ذَكَرًا من فلانة وواقَعْتَها لا تتعرَّض إلى جماعة الشَّيْخ ولا تمنعهم. فعاد الرسول إلى السلطان وأخبره فقال: والله العظيم ما تفوّهت بهذا لمخلوق، ثُمَّ أمر بعشرة آلاف درهم ومائة حِمْل خشب ليبنوا بها. فبنوا الرّباط، ووقف عليه مزرعة بجسرين.

هذه حكاية منقطعة لا تصح.

وقال الشَّيْخ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأرْمُوِيّ: أخبرني والدي، عن جدي، عن الشيخ عبد الله البطائحي قال: رأيت الشَّيْخ أَبَا البَيَان والشيخ رسلان مجتمعين بجامع دمشق، فسألت اللَّه أنّ يحجبني عَنْهُمَا حَتَّى لا يشتغلا بي، وتبِعْتُهما حَتَّى صعِدا إلى أعلى مغارة الدّم، وقعدا يتحدّثان، وإذا بشخص قد أتى كأنه طائر فِي الهواء، فجلسا بين يديه كالتّلميذين، وسألاه عن أشياء من جُملتها: على وجه الأرض بلد ما رَأَيْته؟ قال: لا. فقالا: هَلْ رَأَيْت مثل دمشق؟ قال: ما رَأَيْت مثلها. وكانوا يخاطبونه يا أَبَا الْعَبَّاس، فعلمت أنّه الخضر عليه السلام.

فقلت: إن صحت هذه الحكاية عن عَبْد اللَّه البطائحيّ فهو ظن من الشيخ -[39]- عبد الله فِي أنّ ذلك الشّخص الخضِر، ومن النّاس من يقول: إنّ الخضِر مرتبة من وصل إليها سمي الخضر كالقطب والغوث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015