فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ألستَ نبيَّ الله؟ قال: " بلى "، قلت: ألسنا على الحق وعدونا عَلَى الباطل؟ قَالَ: " بلى "، قلت: فلم نُعْطي الدَّنيَّة فِي ديننا إذًا؟ قَالَ: " إنّي رَسُول اللَّهِ ولست أعصيه وهو ناصري ". قلت: أوَلستَ كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيتَ فنطوف حقًّا؟ قال: " بلى، أنا أخبرتك أنّك تأتيه العام "؟ قلت: لا. قَالَ: " فإنّك آتيه ومُطَوِّف بِهِ ". قَالَ: فأتيت أَبَا بَكْر فقلت: يا أَبَا بَكْر أليس هذا نبيّ الله حقًا؟ قَالَ: بلى. قلت: أَلَسنا عَلَى الحقّ وعدوّنا عَلَى الباطل؟ قَالَ: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيّها الرجل إنّه رَسُول اللَّهِ وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغَرْزه حتى تموت. فَوَالله إنّه لَعَلَى الحقّ. قلت: أَوَ لَيْسَ كَانَ يحدثنا أنه سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنّك تأتيه العام؟ قلت: لا. قَالَ: فإنّك آتيه ومُطَوِّف بِهِ.
قَالَ: الزُّهري. قَالَ عُمَر: فعملت لذلك أعمالًا.
فلما فرغ من قضيّة الكتاب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قوموا فانحَرُوا ثُمَّ احلِقوا ". قَالَ: فَوَالله ما قام منهم رجلٌ حتى قَالَ ثلاث مرّات. فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل عَلَى أَم سَلَمَةَ فذكر لَهَا ما لقي من النّاس. فقالت: يا نبيّ الله أتحبّ ذَلِكَ؟ اخرج ثُمَّ لا تكلّم أحدًا كلمةً حتى تنحر بُدْنك، ثُمَّ تدعو بحالقك فيحلقك. فقام فخرج فلم يكلّم أحدًا حتى فعل ذَلِكَ. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضُهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما. ثم جاءه نسوةٌ مؤمنات، وأنزل الله: " إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ " حتى بلغ " وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ". فطلّق عُمَر يومئذٍ امرأتين كانتا لَهُ فِي الشِّرْك، فتزوّج إحداهما معاويةُ، والأخرى صَفْوان بْن أُمّية.
ثُمَّ رجع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المدينة، فجاءه أَبُو بصير، رجلٌ من قريش، وهو مُسْلِم، فأرسلوا فِي طلبه رجلين فقالوا: العهد الَّذِي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين، فخرجا بِهِ حتى بلغا بِهِ ذا الحُلَيْفة، فنزلوا يأكلون من تمرٍ لهم. فقال أَبُو بصير لأحد الرَّجلين: والله إنّي لأرَى سيفك هذا جيّدًا جدا