أَخْبَرَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - اعتمر أربع عمر كلهن في ذي الْقِعْدَةِ، إِلَّا الْعُمْرَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ، عُمَرَةَ الحديبية زمن الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ المقبل، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةِ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ.
وقال شعبة، عن عمرو بن مرة سمع ابن أَبِي أَوْفَى - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ - قال: كنا يومئذ ألفا وثلاث مائة. وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.
وَقَالَ حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وخالفه الأعمش، عن سالم، عن جابر، فقال: كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ. اتَّفَقَا عليه أيضا.
وَكَأَنَّ جَابِرًا قَالَ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ. وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً كَامِلَةً تَزِيدُ عَدَدًا لَمْ يَعْتَبِرْهُ، أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً تَنْقُصُ عَدَدًا لَمْ يَعْتَبِرْهُ. وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا، كَمَا تَرَاهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي سِنِّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاعتبروا تَارَةً السَّنَةَ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا وَالَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا فَأَدْخَلُوهُمَا فِي الْعَدَدِ. وَاعْتَبَرُوا تَارَةً السِّنِينَ الْكَامِلَةَ وَسَكَتُوا عَنِ الشُّهُورِ الْفَاضِلَةِ.
وَيُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ كَانَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. قُلْتُ: إِنَّ جَابِرًا قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ -، وَهِمَ. هُوَ حَدَّثَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ