402 - محمود بن عمر بن محمد بن عمر، العلّامة، أبو القاسم الزَّمَخْشَرِيّ، الخُوَارَزْميّ، النَّحْويّ، اللُّغَويّ، المتكلم، المعتزليّ، المفسر. [المتوفى: 538 هـ]
مصنّف " الكشّاف " في التّفسير، و" المفصل " في النّحْو، وزَمَخْشَر: من قُرى خُوارَزْم، وكان يقال له جار الله، لأنّه جاوَرَ بمكَّة زمانًا. -[698]-
ووُلِد بزَمَخْشَر، في رجب سنة سبعٍ وستّين وأربعمائة، وقدِم بغداد وسمع من أبي الخطّاب بن البَطِر وغيره، وحدَّث، وأجاز لأبي طاهر السِّلَفيّ، ولزينب الشَّعْريَّة، وغيرهما.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان ممّن برع في علم الأدب، والنَّحْو، واللّغة، لقي الكبار، وصنَّف التّصانيف في التّفسير، والغريب، والنَّحْو، وورد بغداد غير مرَّة، ودخل خُراسان عدَّة نُوَب، وما دخل بلدًا إلّا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له، وكان علّامة الأدب، ونسّابة العرب، أقام بخُوَارَزْم تُضْرَب إليه أكباد الإبل، ثمّ خرج منها إلى الحجّ، وأقام برهةً من الزمان بالحجاز حتّى هبّت على كلامه رياح البادية، ثمّ انكفأ راجعًا إلى خُوَارَزْم، ولم يتّفق أنّي لقيته، وكتبت من شِعْره عَنْ جماعةٍ من أصحابه، ومات ليلة عَرَفَة.
وقال القاضي ابن خَلِّكان: كان إمام عصره، له التّصانيف البديعة، منها " الكشّاف "، ومنها " الفائق " في غريب الحديث، ومنها كتاب " أساس البلاغة "، وكتاب " ربيع الأبرار وفصوص الأخبار "، وكتاب " متشابه أسامي الرُّواة "، وكتاب " النّصائح الكِبار "، وكتاب " ضالَّة النّاشد "، و" الرائض في الفرائض "، و" المنهاج " في الأصول، و" المفصل "، وسمعت بعض المشايخ يحكي أنّ رِجْله سقطت وكان يمشي على جاون خَشَب، وسقطت من الثّلج، وقيل: إنّه سُئل عَنْ قَطْع رِجْله، فقال: سببه دعاء الوالدة، كنت في الصغر أخذت عُصْفورًا وربطْتُه بخيط في رجْله، فطار، ودخل في خرق، فجذبتُه، فانقطعت رِجْله، فتألّمت أمّي، وقالت: قطع الله رِجْلك كما قطعتَ رِجْله، فلمّا كبرتُ ورحلنا إلى بُخَارَى سقطت عَن الدّابَّة، وانكسرت رِجْلي، وعَمِلَتْ عملًا أوجب قطعها، وكان متظاهرًا بالاعتزال، وقد استفتح " الكشّاف " بالحمد لله الّذي خلْق القرآن، فقالوا له: متى تركته هكذا هجره الناس، فغيرها بجعل القرآن، وهي عندهم بمعنى خَلَق، ومن شِعْره يرثي شيخه أبا مضر منصورا: -[699]-
وقائلة: ما هذه الدرر الّتي ... تَسَاقَطُ من عينيك سِمْطَين سَمْطَين؟
فقلت لها: الدّرّ الّذي كان قد حشا ... أبو مُضَر أذْني تساقَطَ من عيني
وقد كتب إليه السلفي إلى مكة يستجيزه، فأجابه بجزءٍ لطيف فيه لغة وفصاحة، يزْري فيه على نفسه، قلت: كان داعية إلى الاعتزال والبدعة.