وبالحبل. ثُمَّ خرج حتى قدِم مكة، فأدّى إلى النّاس بضائعهم. حتى إذا فرغ قَالَ: يا معشر قريش، هَلْ بقي لأحدٍ منكم معي مال؟ قَالُوا: لا فجزاك الله خيرًا. فَقَالَ: أما والله ما منعنى أن أسلم قبل أن أقدِم عليكم إلّا تخوفت أن تظنُّوا أَنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم. فإني أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله.
وأما موسى بْن عُقْبة فذكر أنّ أموال أَبِي العاص إنّما أخذها أَبُو بَصير فِي الهدنة بعد هذا التاريخ.
وقال ابن نُمَيْر، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنِ الشَّعبيّ، قَالَ: قدِم أَبُو العاص من الشّام ومعه أموال المشركين. وقد أسلمت امرأته زينب وهاجَرَت. فقيل لَهُ: هَلْ لك أن تُسْلم وتأخذ هذه الأموال التي معك؟ فقال: بئس ما أبدأ بِهِ إسلامي أن أخون أمانتي. فكفلت عَنْهُ امرأته أن يرجع فيؤديّ إلى كلّ ذي حقٍ حقَّه؛ فيرجع ويُسْلم. ففعل. وما فرَّق بينهما - يعني النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سلمة أن زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ أَنْ خُذِي لِي أَمَانًا مِنْ أَبِيكِ. فَأَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في الصبح، فقالت: أيها الناس إني زينب بنت رسول الله، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الصَّلاةِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لا عِلْمَ لي بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُمُوهُ، أَلا وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى النَّاسِ أَدْنَاهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ.