252 - أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت، أبو الصَّلْت الأندلسيّ الدّانيّ، [المتوفى: 528 هـ]
مصنّف كتاب " الحديقة ".
كان عالمًا بالفلسفة، ماهرًا في الطّبّ، إمامًا فيه وفي علوم الأوائل، سكن الإسكندرية مدَّةً، وكان مولده بدانية في سنة ستين وأربعمائة، أخذ عن: أبي الوليد الوقْشيّ قاضي دانية، وغيره.
وقَدِم الإسكندرية سنة تسعٍ وثمانين، ونفاه الأفضل شاهنشاه من مصر في سنة خمسٍ وخمسمائة، ثمّ دخل إلى المَهْديَّة، وحلّ من صاحبها عليّ بن يحيى بن باديس بالمحلّ الجليل. -[471]-
وكان بارعًا في معرفة النّجوم والوقت، بارعًا في الموسيقى وفي الشَّعر، حاذقًا بلعب الشّطرنج، وله رسالة مشهورة في الأسطُرلاب، وله كتاب " الوجيز " في علم الهيئة، وكتاب " الأدوية المفردة "، وكتاب في المنطق، وكتاب " الانتصار " في أصول الطّب، صنَّف بعضها في سجن الأفضل.
وقيل: إنّ أمير الإسكندرية حبسه مُدَّةً لأنّه قدِم إلى الإسكندرية مركبٌ موقرٌ نحاسًا، فغرق وعجزوا عن استخراجه، فقال أبو الصَّلْت: عندي فيه حيلة، فطاوعه الأمير، وبذل له أموالًا لعمل الآلات، وأخذ مركبًا كبيرًا فارغًا، وعمل على جنبيه دواليب بحبالٍ حرير، ونزل الغطّاسون، فأوثقوا المركب الغارق بالحبال، ثمّ أُديرت الدّواليب، فارتفع المركب الغارق بما فيه إلى أن لاطخ المركب الّذي فيه الدواليب وتم ما رامه، لكن تقطعت الحبال وهبط، فغضب الأمير للغرامة وسجنه.
ومن شِعره:
إذا كان أصلي من تُراب فكلُّها ... بلادي، وكُلُّ العالمين أقاربي
ولا بُدّ لي أن أسأل العِيسَ حاجَةً ... تشُقَّ على شُمّ الذرى والغوارب
ومن شعره:
وقائلةٍ: ما بالُ مثلِكَ خاملٌ؟ ... أأنت ضعيفُ الرّأي، أم أنتَ عاجزُ؟
فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنني ... لما لم يحوزوه من المجد حائز
وما فاتني شيء سوى الحظ وحده ... وأما المعالي فهي عندي غرائز
وله:
ومهفهفٌ تركتْ محاسنُ وجهِهِ ... ما مَجَّهُ في الكأسِ من إبريقِهِ
فَفِعالُها من مُقْلَتْيه، ولَوْنها ... من وجْنَتَيه، وطَعْمُها من ريقِهِ
وله:
عجِبْتُ من طَرْفِكَ في ضَعْفهِ ... كيف يَصيدُ البَطَلَ الأصْيَدا
يفعَلُ فينا وهو في غِمْدِهِ ... ما يفعل السيف إذا جُرِّدا
ومن شِعره، وأوصى أن يُكتب على قبره، وهو يدلّ على أنّه مسلم الاعتقاد: -[472]-
سكنتُك يا دارَ الفَناء مصدِّقًا ... بأنّي إلى دار البقاء أصيرُ
وأعظم ما في الأمر أنّي صائرٌ ... إلى عادلٍ في الحُكْم ليسَ يجورُ
فيا لَيتَ شِعْري كيف ألقاه عندها ... وزادي قليل والذّنوبُ كثيرُ
فإنْ أك مُجَزِيًا بذنْبي فإنّني ... بشرٌ عقابِ المذنبين جديرُ
وأنْ يكُ عفوٌ منه عنّي ورحمةٌ ... فثمّ نعيمٌ دائمٌ وسرور
توفي بمرض الاستسقاء بالمهديَّة في منسلخ العام، وقيل: في مستهل سنة تسعٍ.