عَلَى بابه فاستأذنوا، فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قَالُوا: نلتمس الميرة. قَالَتْ: ذاكم صاحبكم، فادخلوا عليه.
قال: فلما دخلنا أغلقنا علينا وعليها الحجرة تخوفا أن تكون دونه مجاولة تحُول بيننا وبينه. قَالَ: فصاحت امرأته فنَّوَهت بنا، وابتدرناه وهو عَلَى فراشه، والله ما يدلّنا عَلَيْهِ فِي سواد البيت إلّا بياضه، كأنّه قِبْطِيّة مُلْقاه. فلما صاحت علينا جعل الرجل منّا يرفع سيفه عليها ثُمَّ يذكر نَهْيَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قتل النساء، فيكف يده. فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عَلَيْهِ عَبْد الله بْن أنيس بسيفه فِي بطنه حتى أنفذه، وهو يَقْولُ: قطني قطني، أي حسبي. قال: وخرجنا، وكان ابن عتيك سيئ البصر فوقع من الدرجة، فوثئت يده وثأ شديدًا وحملناه حتى نأتي مَنْهَرًا من عيونهم فندخل فِيهِ. فأوقدوا النّيران واشتدّوا فِي كلّ وجه يطلبون، حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه. فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أنّه هلك؟ فقال رَجُل منّا: أَنَا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل فِي النّاس. قَالَ: فوجدتُها وفي يدها المصباح وحوله رجال وهي تنظر فِي وجهه وتحدّثهم وتقول: أما والله لقد سَمِعْتُ صوت ابن عَتيك ثُمَّ أكذبت نفسي فقلت: أنّي ابن عَتيك بهذه البلاد؟ ثُمَّ أقبَلَتْ عَلَيْهِ تنظر فِي وجهه، ثُمَّ قَالَتْ: فاض، وإله يهود. فما سَمِعْتُ من كلمة كانت ألذّ إليّ منها. قَالَ: ثُمَّ جاء فأخبرنا الخبر، فاحتملنا صاحبَنا فقدِمْنا عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرناه واختلفنا فِي قتله، فكلّنا يدّعيه. فقال: هاتوا أسيافكم. فجئناه بِهَا، فنظر إليها فقال لسيف عَبْد الله بْن أنيس: هذا قَتَلَه، أرى فِيهِ أثر الطّعام والشراب.
وَقَالَ زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. أَخْرَجَهُ البخاري.