375 - المبارك بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم بن أحمد، أبو الحسين البغدادي الصيرفي المعروف بابن الطيوري. [المتوفى: 500 هـ]
قال السمعاني: كان محدثا مكثرا صالحا أمينا، صدوقا، صحيح الأصول، صيِّنًا، ورعا، حسن السَّمْتِ، وقورا، كثير الكتابة، كثير الخير، سمع الناس بإفادته من الشيوخ، ومتَّعه الله بما سمع حتى انتشرت عنه الرواية وصار أعلى البغداديين سماعا.
سمع أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي، وأبا الفرج الطناجيري، وأبا الحسن العتيقي، وأبا محمد الخلال، وعلي بن أحمد الفالي، ومحمد بن علي الصوري، والعشاري، وخلقا، ورحل فسمع بالبصرة أبا علي الشّاموخيّ، وغيره.
قَالَ السّمعانيّ: أكثر عَنْهُ والدي، وحدثنا عنه أبو طاهر السنجي، وأبو المعالي الحلواني بمَرْو، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بأصبهان، وخلق يطول ذكرهم.
وكان المؤتمن الساجي سيئ الرأي فيه، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك، وما رأيت أحدًا من مشايخنا الثّقات يوافقه، فإني سألت جماعة مثل عَبْد الوهّاب الأنماطي، وابن ناصر، وغيرهما، فأثنوا عَلَيْهِ ثناء حسنًا، وشهدوا لَهُ بالطلب والصدق والأمانة، وكثرة السماع، وسمعت سلمان بْن مسعود الشحام يَقُولُ: قدِم علينا أبو الغنائم ابن النَّرْسيّ، فانقطعنا عَنْ مجلس ابن الطُّيُوريّ أيامًا، واشتغلنا بالسماع منه، فلمّا مضينا إلى ابن الطُّيُوريّ قَالَ لنا: لم انقطعتم عني هذه الأيام؟ قُلْنَا: قدِم شيخ من الكوفة كُنَّا نسمع منه، قال: فأيش -[831]- أعلى ما عنده؟ قلنا: حديث علي بن عبد الرحمن البكائي، فقام الشَّيْخ أبو الحُسين، وأخرج لنا شدة من حديث البكائي، وقال: هذا من حديثه، سماعي من أبي الفرج ابن الطَّنَاجِيريّ.
قَالَ السّمعانيّ: وأظن أنّ هذه الحكاية سمعها من الحافظ ابن ناصر.
وُلِد ابن الطيوري في سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وقد روى عَنْهُ السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وعبد الحق اليوسفي، وخطيب الموصل، وأبو السعادات القزاز.
وذكره أبو عليّ بْن سُكَّرَة، فقال: الشَّيْخ الصالح الثقة، كان ثبتا فهما، عفيفا، متقنا، صحب الحفاظ ودرب معهم، وسمعتُ أبا بَكْر ابن الخاضبة يَقُولُ: شيخنا أبو الحُسين ممّن يستشفى بحديثه.
وقال ابن ناصر في " أماليه ": حدثنا الثقة الثبت الصدوق أبو الحُسين.
وقال السِّلَفيّ: ابن الطُّيُوريّ محدث كبير، مفيد، ورع، لم يشتغل قطّ بغير الحديث، وحصّل ما لم يحصّله أحد من التفاسير، والقراءات، وعلوم القرآن، والمسانيد، والتواريخ، والعلل، والكتب المصنفة، والأدبيات والشعر، كلها مسموعة له، رافق الصُّوريّ، واستفاد منه، والنخشبيّ، وطاهر النَّيْسابوريّ، وكتب عنه مسعود السجزي، والحميدي، وجعفر ابن الحكاك، فأكثروا عَنْهُ، ثمّ طوّل السِّلَفيّ الثناء عَلَيْهِ.
وذكره أبو نَصْر بْن ماكولا فقال: صديقنا أبو الحسين يعرف بابن الحمّاميّ مخففًا، سمع أبا عليّ بْن شاذان، وخلْقًا كثيرًا بعده؛ وهو من أهل الخير والعفاف والصّلاح.
قَالَ ابن سُكَّرَة: ذكر لي شيخنا أبو الحُسين أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عَنْهُ بمثل ذَلِكَ. وأخبرني أنّ عنده لابن أَبِي الدّنيا أربعة وثمانين مصنفًا.
وقال عليّ بْن أحمد النَّهْروانيّ: تُوُفّي في نصف ذي القعدة.