365 - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد الفامي الفارسي، أبو محمد، الفقيه الشافعي.

365 - عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد الفاميّ الفارسيّ، أبو مُحَمَّد، الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 500 هـ]

قدِم بغداد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة على تدريس النظامية، وكان مدرسها يومئذٍ الحُسين بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، فتقرر أنّ يدرس كل واحد منهما يومًا، فبقيا عَلَى ذَلِكَ سنة وعُزِلا، فأملى أبو مُحَمَّد بجامع القصر عَنْ أَبِي بَكْر أحمد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الشِّيرازيّ الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن حَمْدان بْن عبدك، وعليّ بْن بُنْدار الحنفي، وجماعة من شيراز.

قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: قدِم عَبْد الوهّاب الفاميّ وأنا ببغداد، وخرج كافّة العلماء والقُضاة لتلقِّيه، وكان يوم قرئ منشوره يوما مشهودا، سَمِعْتُ عَلَيْهِ كثيرًا، وسمعته يَقُولُ: صنفت سبعين تأليفًا في ثمانية عشر عامًا، ولي كتاب في -[827]- التفسير ضمّنْتُه مائة ألف بيت شاهدًا، أملى بجامع القصر، وحُفِظ عَلَيْهِ تصحيفٌ شنيع، ثمّ أجْلِب عَلَيْهِ وطُولِب، ثمّ رمي بالإعتزال حتّى فر بنفسه.

وقال السمعاني: حدثنا أَبُو الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الحافظ، قال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ الْحَافِظَ يَقُولُ: سمعت غير واحد ممن أثق به يقول: أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى بِبَغْدَادَ حَدِيثًا مَتْنُهُ: " صَلَاةٌ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ " فَصَحَّفَ وَقَالَ: " كَنَارٍ فِي عِلِّيِّينَ "، وَكَانَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ حَاضِرًا، فَقَالَ: ما معناه؟ فقال: النار في الغلس تكون أضوأ.

وبه، قَالَ الطرقي: وسأله بعض أصدقائي عَنْ " جامع " أَبِي عيسى التِّرْمِذيّ: هَلْ لك بِهِ سماع؟ فقال: ما " الجامع "، ومن أبو عيسى؟ ما سَمِعْتُ بهذا قطّ، ثمّ رأيته بعد ذَلِكَ يعده في مسموعاته.

قال الطرقي: ولماذا أراد أن يملي بجامع القصر؟ قلت لَهُ: لو استعنت بحافظٍ ما، ينتقي الأحاديث، ويرتبها عَلَى ما جرت بِهِ عادتهم؛ فقال: إنّما يفعل ذَلِكَ من قلت معرفته بالحديث، أَنَا حفظي يغنيني، فأملى وامتحنت بالاستملاء، فأول ما حدَّثَ رأيته يسقط من الإسناد رجلًا، ويبدل رجلًا برجل، ويجعل الواحد رجلين، وفضائح أعجز عَنْ ذكرها، ففي غير موضعٍ: حدثنا الحَسَن بْن سُفْيَان، عَنْ يزيد بْن زريع، فأمسك أهل المجلس، وأشاروا إليّ، فقلت: سقط إمّا مُحَمَّد بْن منهال، أو أميّة بْن بِسْطام، فقال: اكتبوا كما في أصلي، وأورد: أخبرنا سهل بْن بحر، أَنَا سألته، فقال: إننا سالبة، وأما تبديل عمرو بعمر فكثير، وكذا جميل بحميل، وقال في سَعِيد بْن عَمْرو الأشعثي: سَعِيد بن عمر، والأشعثي، فجعل واو عمرو واو العطف، فقلت: إنما هو نسبه، فقال: لا، فقلت: فمن الأشعثي؟ قَالَ: فضول منك، وقال في الطور: الطَّوْد.

وقال السّمعانيّ: كانت لَهُ يد في المذهب، وحدَّثَ عَنْ عَبْد الواحد بْن يوسف الخرّاز، وأبي زرعة أحمد بن يحيى الخطيب، والحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عثمان بْن كرامة، وجماعة من الفارسيين، روى لنا عَنْهُ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، ومحمود بْن ماشاذة.

وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: أبو مُحَمَّد الفاميّ أحفظ من رأيناه لمذهب -[828]- الشّافعيّ، صنف كتاب " تاريخ الفُقَهاء "، وقال فيه: مات جدي أبو الفَرَج عَبْد الوهّاب سنة أربع عشرة وأربعمائة، وفيها ولدت.

وقال غيره: توفي في السابع والعشرين من رمضان بشيراز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015