266 - محمد بن علي بن محمد بن حسن بن عبد الوهاب بن حسويه، قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني، الحنفي.

266 - محمد بن عليّ بن محمد بن حسن بن عبد الوهّاب بن حسُّويه، قاضي القُضاة أبو عبد الله الدَّامغانيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 478 هـ]

شيخ حنفية زمانه. تفقَّه بخراسان، ثمّ قدِم بغداد في شبيبته، ودرس على القُدُوريّ، وسمع الحديث من القاضي أبي عبد الله الحسين بن عليّ الصَّيمريّ، والحافظ محمد بن عليّ الصُّوريّ، وشيخه أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُوريّ.

روى عنه عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، والحسين المقدسيّ، وغيرهم، وتفقّه به جماعة.

وكان مولده بدَامَغَان سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة، وحصّل العلم على الفقر والقنوع.

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قال والدي: سمعتُ أحمد بن الحسين البصْريّ الخبّاز يقول: رأيتُ أبا عبد الله الدّامَغَانيّ كان يحرس في درْب الريّاح، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمُه أبو العشائر الشيْرَجيّ.

قلتُ: ثمّ آل به الآمرُ إلى أن ولي قضاء القُضاة للمقتدي بالله، ولأبيه قبله. وطالت أيّامه، وانتشر ذِكْرُه، وكان مثل القاضي أبي يوسف قاضي الرّشيد في أيّامه حشمةً وجاهًا وسُؤْدُدًا وعَقْلًا، وبَقِيّ في القضاء نحوًا من ثلاثين سنة، ولي أولًا في ذي القعدة سنة سبعٍ وأربعين، بعد موت قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا.

وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ في طبقات الفُقَهاء: قال قاضي القضاة الدّامغانيّ: قرأتُ على أبي صالح الفقيه بدامَغَان، وهو من أصحاب أبي عبد الله الْجُرْجانيّ، وأصابني جُدَرِيّ فاكتحلتُ، وجئت إلى المجلس بعدما برأتُ فقال: أنت مجدور، فقم. فقمت وقصدت من دامغان نيسابور، فأقمت أربعة أشهر، وصحِبْتُ أبا العلاء صاعد بن محمد الأُسْتَوَائيّ قاضيها. وقرأت على أبي الحَسَن المصعبيّ لِدِينه وتواضعه، وجَرَت فتنة بين الطّوائف هناك، فمنعهم محمود بن سُبُكْتِكِين مِن الْجَدَل، فخرجتُ إلى بغداد وورَدْتُها.

قال محمد: فقرأ على القُدُوريّ إلى أن توفّي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، -[434]- ولازم أبا عبد الله الصَّيمريّ فلمّا مات، انفرد بالتدريس، وصار أحد شهود بغداد. ثمّ ولي قضاء القائم بأمر الله، وبعده لابنه ثلاثين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام. وقد شهد عنده شيخ الشّافعيّة أبو الطّيّب الطَّبريّ، وكان أبو الطّيّب يقول: أبو عبد الله الدّامَغَاني أَعْرفُ بمذهب الشّافعيّ من كثيرٍ من أصحابنا.

قال: وكان عندنا بدامَغَان أبو الحَسَن صاحب أبي حامد الإسفراييني، يعني فاستفاد منه الدّامغانيّ. وكان أبو عبد الله الدّامَغَانيّ قد جمع الصّورة البهيّة، والمعاني الحسنة من الدّين والعقل والعِلْم والحِلْم، وكَرَم المعاشرة للنّاس، والتّعصُّب لهم. وكانت له صَدَقات في السّرِّ، وإنصافٌ في العِلْم لم يكن لغيره. وكان يورد من المداعبات في مجلسه والحكايات المضحكة في تدريسه نظيرَ ما يورده الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، فإذا اجتمعا صار اجتماعهما نُزْهة.

عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام، وغَسَله أبو الوفاء ابن عَقِيل الواعظ، وصاحبه الفقيه أبو ثابت مسعود بن محمد الرّازيّ، وصلّى عليه ولده قاضي القُضاة أبو الحسن على باب داره بنهر القلاّئين.

ولقاضي القُضاة أصحاب كثيرون انتشروا بالبلاد، ودرسوا ببغداد، فمنهم أبو سعْد الحَسَن بن داود بن بابشاذ المصريّ، ومات قبل الأربعين وأربعمائة. ومنهم نور الهدى الحسين بن محمد الزَّينبيّ، ومنهم أبو طاهر الياس بن ناصر الدَّيلميّ. ومات في حياته. ومنهم أبو القاسم عليّ بن محمد الَّرحبيّ ابن السَمَنانيّ، وآخرون فيهم كَثْرة ذكرهم ابن عبد الملك الهمذانيّ.

توفّي في رابع عشري رجب، ودفن في داره بنهر القلاّئين، ثمّ نقل ودفن في القبّة إلى جانب الإمام أبي حنيفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015