219 - محمد بن عمار، أبو بكر المهري الأندلسي، ذو الوزارتين.

219 - محمد بن عمّار، أبو بكر المَهْريّ الأندلسيّ، ذو الوزارتين. [المتوفى: 477 هـ]

شاعر الأندلس. كان هو وابن زيدون الأندلسيّ القُرْطُبيّ كَفَرَسَيْ رِهان. وكان ابن عمّار قد اشتمل عليه المعتمِد بن عبّاد، وبلغ الغاية القصوى، إلى أن استوزره، ثمّ جعله نائبًا له على مَرْسِية، فعصى بها على المعتمد، فلم يزل يحتال عليه ويتلطف إلى أن وقع في يده، فذبحه صبرًا بيده، لعصيانه، ولكونه هجا المعتمِد وآباءه، بقوله:

مما يُقَبِّحُ عندي ذِكْر أندلسٍ ... سماعُ معتمدٍ فيها ومُعْتَضِد

أسماءُ مملكةٍ في غير موضعها ... كالهرّ يَحكي انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ

وقيل: قتله في سنة تسعٍ وسبعين.

ومن شعره:

أَدرِ الزُّجاجة فالنّسيمُ قد انْبَرى ... والنَّجم قد صرف العِنانَ عن السُّرى

والصُّبح قد أهدى لنا كافوره ... لمّا استردّ اللَّيل منّا العنبرا

ومنها:

ملكٌ إذا ازدحم الملوكُ بموردٍ ... ونَحَاهُ لا يردوه حتّى يصدُرا

أنْدَى على الأكباد من قَطْرِ النَّدى ... وأَلَذُّ في الأجفان من سِنة الكرى

قدَّاح زند المجد لا ينفكُّ من ... نار الوَغَى إلًا إلى نار القِرى

جلَّلت رمحك من رؤوس كُمَاتِهِم ... لمّا رأيت الغُصْنَ يُعَشْق مُثِمرًا

والسَّيف أفصحُ من زيادٍ خُطْبةً ... في الحرب إنْ كانت يمينُك مِنْبَرا

وله: -[414]-

عليَّ وإلّا ما بكاءُ الغمائمِ؟ ... وفيَّ وإلّا ما نِياحُ الحمائمِ؟

وعنيّ أثارَ الرَّعد صَرْخَةَ طالب ... لثأرٍ وهزَّ البرق صفحة صارم

وما لبست زهر النُّجوم حدادها ... لغيري ولا قامت له في مأتم

ومنها:

أبى الله أنْ تَلْقاه إلّا مقلَّدًا ... حَمِيلةَ سيفٍ أو حَمَالَة غارمِ

وقد جال ابن عمّار في الأندلس، ومدح الملوك والرؤساء، حتّى السُّوقة؛ حتّى أنّه مدح رجلًا مرة، فأعطاه مِخلاة شَعِير لحماره، وكان ذلك الرجل فقيرًا. ثمّ آل بابن عمّار الأمرُ إلى أن نفق على المعتمد، ووّلاه مدينة شِلْب، فملأ لصاحب الشعير مِخلاة دراهم، وقال للرسول: قل له: لو ملأتها بُرًا لملأناها تِبْرًا.

ولمّا استولى على مُرْسِية خلع المعتمد، ثمّ عمل عليه أهل مُرْسية فهربَ ولجأ إلى بني هُود بسرَقُسْطَة، فلم يقبلوه، ثمّ وقع إلى حصن شقُّورة فأحسن متولّيه نُزُلَه، ثمّ بعد أيّام قيَّده، ثمّ أُحضر إلى قُرْطُبة مقيِّدًا على بغلٍ بين عِدْلي تبنٍ لِيَراه النّاس. وقد كان قبل هذا إذا دخل قُرْطُبة اهتزت له، فسجنه المعتمد مدَّةً، فقال في السّجن قصائد لو توسل بها إلى الزّمان لنَزَع عن جَوْره، أو إلى الفُلْك لكَفّ عن دَوْره، فكانت رقيً لم تنْجَع، وتمائم لم تنفع، منها:

سجاياكَ - إن عافَيتَ - أنْدى وأسْجحُ ... وعُذرك - إنّ عاقبتَ - أجْلَى وأوْضحُ

وإنْ كان بين الخطَّتين مزيَّة ... فأنتَ إلى الأدْنى من الله تجنح

حنانيك في أخْذي برأيك، لا تُطِعْ ... عِدايَ، ولو أثْنَوا عليك وأفصحوا

أقِلْني بما بيني وبينك مِن رضى ... له نحو روح الله بابٌ مفتَّح

ولا تلتفت قولَ الوشاة ورأيهم ... فكُل إناءٍ بالّذي فيه يَرْشَحُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015