فيها عزل فخر الدّولة بن جَهِير من وزارة المقتدي بالله بأبي شجاع بن الحسين لكونه شد من الحنابلة، وكتب أَبُو الحسن محمد بن علي بن أبي الصَّقر الفقيه الواسطيّ إلى نظام المُلْك هذه الأبيات:
يا نظامَ المُلْك قد حُلّ ... ببغدادَ النّظامُ
وابنُك القاطنُ فيها ... مستهان مستضام
وبها أودى له قتـ ... ـلا غلامٌ، وغلامٌ
والّذي منهم تبقَّى ... سالمًا فيه سهام
يا قوام الدين لم يبـ ... ـق ببغداد مقام
عظم الخطب، وللحر ... ب اتصال، ودوام
فمتى لم تحسم الدا ... ء أياديك الحسام
ويكف القوم في بغـ ... ـداد قتل، وانتقام
فعلى مدرسة فيـ ... ـها ومَن فيها السّلامُ
واعتصامٌ بحريمٍ ... لك - من بعدُ - حرامُ
فَعَظم هذا الخَطْب على النّظام، وأعاد كوهرائين إلى شحنكية بغداد، وحمّله رسالة إلى المقتدي تتضّمن الشّكوى من ابن جهير. وأمر كوهرائين بأخْذ أصحاب ابن جهير وإيصال المكروه والأذى إليهم، فسار عميد الدّولة بن فخر الدّولة بن جَهير إلى النظام، وتلطّف في القضيّة إلى أن لانَ لهم.
وفيها سار المَلك تاج الدّولة تُتُش أخو السّلطان ملكشاه فدخل الشّام، وتملك دمشق بأمر أخيه بعد أن افتتح حلب، وكان معَه عسكر كثيرٌ من -[312]- التُّركمان، وذلك أن أتْسِز - وَالعامّة تُغيُّره؛ يقولون: أقسيس - صاحب دمشق لمّا جاء المصريّون لحرْبه استنجد بتتش، فسارَ إليه من حلب، وطمع فيه، فلمّا قارب دمشق أجفل العسكر المصريّ بين يديه شبه المنهزمين، وفرح آتسز، وخرج لتلقيه عند سور المدينة، فأبدى تتش صورة، وأظهر الغَيْظ من أتسِز إذ لم يُبعِد في تلقّيه، وعاتبه بغضبٍ، فاعتذر إليه فلم يقبل، وقبض عليه وقتله في الحال، وملك البلد، وأحسن السيرة، وتحبَّب إلى النّاس.
ومنهم مَن ورَّخ فتْحَ تُتش لدمشق في سنة اثنتين وسبعين.
وكان أهل الشّام في ويْلٍ شديد مع أتسِز الخوارزميّ المقتول.