62 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون، أبو الوليد المخزومي الأندلسي القرطبي،

62 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بْنُ زيدون، أَبُو الْوَلِيد المخزومي الأندلسي القُرْطُبي، [المتوفى: 463 هـ]

الشّاعر المشهور.

قال ابن بسام: كان أَبُو الْوَلِيد غاية منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني مخزوم، أحدُ من جرَّ الأيام جرًّا، وفاق الأنام طُرًّا، وصرَّف السّلطان نَفْعًا وضُرًّا، ووسَّع البيانَ نظْمًا ونثرًا، إِلَى أدبٍ ليس للبحر تدفُّقُه، ولا للبدر تألُّقُه، وشِعرٍ ليس للسِّحْر بيانُه، ولا للنّجوم اقترانُه، وحظٍّ من النَّثْر غريب المباني، شعْريّ الألفاظ والمعاني. وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقُرْطُبة. انتقل عن قُرْطُبة إلى المعتضد ابن عباد صاحب إشبيلية بعد عام أربعين وأربعمائة، فجعله من خواصه، وبقي معه فِي صورة وزير.

فمن شعره:

بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئتَ لم يُضِعْ ... سِرً إذا ذاعَت الأسرارُ لم يُذِعِ

يا بائعًا حَظَّهُ مِنّي ولو بُذِلَتْ ... لِيَ الحياةُ بحظي منه لم أبع

يكفيك أنك إن حمَّلت قلبي ما ... لا تستطيعُ قلوبُ الناس يَسْتَطِعَ

تِهْ أَحْتَمِل وَاسْتَطِلْ أَصْبِر، وَعِزَّ أَهُنْ ... وَوَلِّ أُقْبِل، وقُلْ أَسْمَع، ومُرْ أُطِعِ

وله:

أَيَّتُها النّفسُ إليْهِ اذْهَبي ... فَمَا لِقَلْبِي عَنْهُ مِنْ مَذْهَبِ

مُفَضَّضُ الثَّغْرِ لهُ نُقْطَةٌ ... مِن عَنْبَرٍ فِي خَدِّه المُذْهَب

أيأسني التَّوْبَةَ من حُبِّهِ ... طُلُوعُهُ شَمْسًا مِن المغربِ

وله القصيدة السائرة الباهرة:

بِنْتُمْ وَبِنَّا فَمَا ابْتَلَّتْ جَوَانِحُنَا ... شوقًا إليكُمْ ولا جفَّتْ مَآقِينا

كُنّا نرى اليأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه ... وقَدْ يَئِسْنا فَمَا لليّأْسِ يُغْرِينا

نَكَادُ حينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمَائِرُنا ... يَقْضِي علَيْنا الأَسَى لولا تأسَينا

طالت لِفَقْدكُم أيَّامُنا فَغَدَتْ ... سُودًا وكانَتْ بِكُمْ بيضًا ليالينا -[190]-

بالأمسِ كُنَّا وما يُخشَى تَفَرُّقُنا ... واليومَ نحنُ وما يُرْجَى تَلَاقينا

إِذْ جانِبُ العَيْشِ طَلْقٌ من تَأَلُّفِنا ... ومورد اللهو صافٍ من تصافينا

كأنَّنا لَمْ نَبِت والوصْلُ ثالِثُنا ... والسَّعْدُ قَدْ غَضَّ من أجْفَانِ واشِينا

ليُسْقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السُّرُورِ فَمَا ... كُنْتُمْ لأَرواحِنا إِلّا رَياحِينا

وهي طويلة.

تُوُفّي ابن زيدون فِي رجب بإشبيلية. وولي ابنه أَبُو بَكْر وزارة المعتمد بْن عَبَّاد، وقُتِل يوم أَخَذَ يوسف بْن تاشفين قُرْطُبة من المعتمد سنة أربعٍ وثمانين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015