المسلمين. وكانت خيل المسلمين ستة وثلاثين فرسًا. وأخرج حُيَيّ بنَ أخطب فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أخزاك الله؟ قال له: لقد ظهرتَ عليَّ وما ألوم إلّا نفسي في جهادك والشدة عليك. فأمر به فضُرِبَتْ عُنُقُه. كلّ ذَلِكَ بعين سعد.
وكان عَمْرو بن سعدى اليهودي في الأسرى، فلما قدموه ليقتلوه فقدوه فقيل: أين عَمْرو؟ قالوا: والله ما نراه، وإنّ هذه لرمّته التي كان فيها، فما ندري كيف انفلت؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أفلتنا بما علم الله في نفسه. وأقبل ثابت بن قيس بن شماس إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هب لي الزُّبَير - يعني ابن باطا وامرأته - فوهبهما له، فرجع ثابت إلى الزُّبَير. فقال: يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني؟ - وكان الزبير يومئذٍ أعمى كبيرا - قَالَ: هل ينكر الرجل أخاه؟ قَالَ ثابت: أردت أن أجزيك اليوم بيدك. قَالَ: أفعل، فإنّ الكريم يجزي الكريم، فأطلقه. فقال: لَيْسَ لي قائد، وقد أخذتم امرأتي وبَنيّ. فرجع ثابت إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله ذرّيَة الزُّبَير وامرأته، فوهبهم له، فرجع إليه فقال: قد ردّ إليك رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امرأتك وبنيك. قَالَ الزُّبير: فحائط لي فيه أعذق لَيْسَ لي ولأهلي عيش إلا به. فوهبه له رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ له ثابت: أسلم، قال: ما فعل المجلسان؟ فذكر رجالا من قومه بأسمائهم. فقال ثابت: قد قُتِلوا وفُرِغ منهم، ولعلّ الله أنْ يهديك. فقال الزُّبَير. أسألك بالله وبيدي عندك إلّا ما ألحقتني بهم. فما في العيش خير بعدهم. فذكر ذَلِكَ ثابت لرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بالزُّبَير فقتل.
قَالَ الله - تعالى - في بني قُرَيْظة في سياق أمر الأحزاب: " وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ " يعني: الذين ظاهروا قُريشًا: " مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تقتلون وتأسرون فَرِيقًا ".
وقال عُرْوَة في قوله: " وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ". هي خَيْبَر.
وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنُ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ،