205 - عليّ بن إسماعيل، أبو الحسن المُرسيّ اللُّغَويّ، المعروف بابن سِيدَه. [المتوفى: 458 هـ]
مُصنِّف "المُحْكَم" في اللُّغة. ولهُ كتاب "المُخَصّص"، وكتاب "الأنيق في شرح الحماسة" عشرة أسفار. وكذا "المحكم" في مقداره. وله كتاب "العالِم في اللُّغة على الأجناس" يكون نحو مائة مُجلَّد، بدأ بالفَلَك، وختم بالذَّرَّة. وله كتاب "شاذّ اللُّغة" في خمس مجلدات.
أخذ عن أبيه، وعن صاعد بن الحسن البغداديّ.
قال أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ: دخلت مُرْسِية، فتشبَّث بي أهلها ليسمعوا عليَّ "غريب المُصنَّف"، فقلت: انظروا لي من يقرأ لكم. وأمسك أنا كتابي. فأتوني برجلٍ أعمى يُعرف بابن سِيدَه، فقرأه عليَّ كله، فعجبت من حفظه. وكان أعمى ابن أعمى.
وقال الحُمَيْديّ: إمام في اللغة والعربية، حافظ لهما، على أنَّهُ كان ضريرًا. قد جمع في ذلك جموعًا، وله مع ذلك في الشَّعر حظٌّ وتصرُّف. مات بعد خروجي من الأندلُس.
وورّخه القاضي صاعد بن أَحْمَد، وقال: بلغ ستِّين سنة أو نحوها.
وذكره الْيَسَع بن حَزْم، فذكر أنَّهُ كان يُفضِّل العجم على العرب، هو رأي الشُّعوبيَّة.
وحطَّ عليه السُّهَيْليّ في "الرَّوْض الأُنُف"، فَقَالَ: إنَّهُ يعثر في "المُحْكَم" وغيره عَثَرَاتٍ يَدْمَى منها الأَظَلُّ ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل من ضَلَّ، بحيث أنَّهُ قال في الْجِمار: هي الّتي تُرمى بعَرَفة، وكذا يهمُّ إذا تكلَّمَ في النَّسَب.
وقال أبو عمرو ابن الصَّلاح الشافعيّ: أضرّت به ضرارته.
قلت: ولكنَّهُ حجّةٌ في اللُّغة، موثّقٌ في نقلها. لم يكن في عصره أحد يدانيه فيها. ولهُ شِعرٌ رائق. وكان مُنْقَطِعًا إلى الأمير أبي الجيش مجاهد -[100]- العامريّ، فلمَّا تُوُفّي حَدَثت لَأبي الحَسَن نَبْوَة في أيَّام إقبال الدّولة، فهرب منه، ثمّ عمل فيه أبياتا يستعطفه يقول فيها:
ألا هل إلى تقبيل راحتك اليُمْنَى ... سبيلٌ فإنَّ الأمن في ذاك واليُمْنَا
وإن تتأكَّد في دَمي لك نِيَّةٌ ... تصدَّق فإني لَا أحبّ له حَقْنا
فيا مَلِكِ الأملاك إنّي مُحّومٌ ... على الوِرْدِ لَا عَنْهُ أُذَادُ ولا أُدْنَى
ونِضْوِ هموم طلحته طياته ... فلا غاربا أبقين منه ولا متنا
إذا ميتة أرضتك منها فَهَاتِها ... حَبْيِبٌ إلينا ما رضيت به عنّا
وهي طويلة ووقع بها الرِّضى عنه.