-سنة ست وخمسين وأربعمائة.

فيها قبض السُّلطان ألْبُ أرسلان على الوزير عميد الملك، ثم قتله بعد قليل. وتفرَّد بوزارته نظام المُلْك، فأبطل ما كان عمله عميد المُلْك من سبِّ الأشعريّة وانتصر للشّافعيّة. وأكرم إمام الحَرَمَيْن، وأبا القاسم القُشيْريّ.

وفيها تملَّك السُّلطان ألْبُ أرسلان هَرَاة وصَغَانْيان وختّلان. فأمّا هَرَاة فكان بها عمّه بيغو بن ميكائيل، فأخذها منه بعد حصارٍ شديد، وأحسن إليه واحترمه ولم يؤذِه. وأمّا ختّلان فإنّ ملكها قُتِلَ بسهمٍ في الحصار. وأمّا صَغَانيان فافتتحها عنوةً وقتل صاحبها.

وفيها أمر السُّلطان ألْبُ أرسلان ابنة الخليفة بالعَوْد من الرَّيّ إلى بغداد، وأعلمها أنّهُ لم يقبض على عميد المُلْك إِلَّا لِمَا اعتمده من نقلِها إلى الرَّيّ بغير رضى الخليفة، وبعث في خدمتها أميراً ورئيساً.

وفيها قلّده القائم بأمر الله السَّلطنة، وبعث إليه بالخلع.

وفيها كانت وقعة بقُرب الريّ بين السُّلطان وبين قريبه قُتلمِش، وانكشفت المعركة عن قُتلمِش ميِّتًا مُلقى على الأرض، فحزن عليه السُّلطان وندم، وجلس للعزاء، ثم تسلَّم الرَّيّ.

وسار إلى أَذَرْبَيْجَان، فوصل إلى مَرَنْد عازِمًا على جهاد الرُّوم، لعنهم اللَّه، واجتمع له هناك من الملوك وعساكرها ما لَا يُحْصى، ودخلوا في طاعته وخضعوا له. وافتتح في هذه الغزوة عدّة حصون وهابته المُلُوك وبَعُدَ صِيتُهُ وكَثُرَ الدُّعاء له لكثرة ما افتتح من بلاد النّصارى. وهادنه ملك الكَرْج والتزم بأداء الْجِزية. وقُرئ كتاب الفتح المبارك ببغداد. وغنم جيشه في هذه النَّوبة ما لَا يُحدُّ ولا يوصَف كَثْرَةً. ثم عاد فسار إلى أصبهان ومنها إلى كرمان، فتلقّاه أخوه قاروت بك.

ثم سار إلى مَرْو، فزوَّج ولده مُلْكشاه ببنت خاقان صاحب ما وراء النّهر، ودخل بها. وزوَّج ولده رسلان شاه ببنت سلطان غزنة، واتّفقت الكلمة بينهما، ووقع الصُّلح، ولله الحمد.

وفيها اشتهر ببغداد وغيرها أنّ جَمَاعة أكراد خرجوا يتصيّدون، فرأوا في -[12]- البريّة خيامًا سُودًا، وسمعوا منها لطمًا وعويلًا، وقائِلٌ يقول: مات سيّدوك ملك الجنّ، وأي بلدٍ لم يلطُم أهله ويعملون المآتم أُهلِكَ أَهْلُهُ. فخرج كثير من النّساء إلى المقابر يلطمن وينحن على سيدوك، وفعل ذلك كثير من جهلة الرّجال، فكان ذلك ضجة عظيمة.

وفيها ولي ببغداد نقابة العلويين أبو الغنائم المعمَّر بن محمد بن عُبَيْد اللَّه وإمارة الموسم، ولقِّب بالطّاهر ذي المناقب.

وكان النقيب أبو الفتح أسامة العلويّ قد بطل النّقابة، وصاهر بني خفاجة، وانتقل معهم إلى البريّة، وبقي إلى سنة ثنتين وسبعين، فتُوُفّي بمشهد عليّ رضي اللَّه عنه.

وفيها هرب أمير الجيوش بدر متولِّي دمشق منها، فوليها أبو المُعَلّى حيدرة الكتّاميّ، فحكم بها شهرين.

وعُزِل بدريّ المُستَنصِريّ المُلقَّب شهاب الدّولة. فوليها أيّامًا في أواخر السّنة، ثُمّ عُزِلَ وولي إمرة الرَّملة فبقي عليها إلى أن قُتِلَ سنة ستّين وأربعمائة.

وخلت دمشق من نائب إلى أن أُعيد عليها بدر أمير الجيوش سنة ثمانٍ وخمسين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015