-حوادث سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

على سبيل الاختصار

فيها عَوْد الخليفة القائم بأمر اللَّه إلى دار الخلافة، وقتله البساسيريّ، وذلك أنّ السُّلطان طُغْرلْبَك رجع إلى العراق، فهرب آَلُ البساسيريّ وحَشَمُهُ، وانْهَزَمَ أَهْلُ الكَرْخ بأهاليهم على الصَّعب والذَّلول. ونَهَبَتْ بَنو شَيْبان النّاس وقُتِل طائفة. وكانت مدّة أيّام البساسيريّ سنةً كاملة. فثار أهل باب البصرة فنهبوا الكَرخ، وأحرقوا درب الزَّعفرانيّ، وكان من أحسن الدُّروب.

وبعث طُغْرلبك الْإِمام أبا بكر أَحْمَد بن محمد بن أيّوب بن فُورك إلى قريش ليبعث معه أمير المؤمنين، ويشكره على ما فعل. وكان رأيه أن يأخذ الخليفة ويدخل به البرّيّة، فلم يوافقه مهارش، بل سار بالخليفة. فلمّا سمع طُغُرلْبَك بوصول الخليفة إلى بلاد بدر بن مهلهل أرسل وزيره عميد المُلْك الكُنْدَرِيّ والَأمراء والحجَّاب بالسُّرادقات العظيمة والَأُهْبَة التّامة، فوصلوا وخدموا الخليفة، فوصل النَّهروان في الرّابع والعشرين من ذي القعدة.

وبرز السُّلطان إلى خدمته، وقبَّل الأرض، وهنَّأه بالسّلامة، واعتذر من تأخره بعصيان أخيه إبراهيم يَنَال، وأنَّهُ قتلهُ عقوبةً لِمَا جرى منه من الوَهَنْ على الدَّوْلَة العبّاسيّة وقال: أنا أمضي خلف هذا الكلب، يعني البساسيريّ، إلى الشَّام. وأفعل في حق صاحب مصر ما أُجَازَى بِهِ. فقلّدهُ الخليفة بيده سيفًا وقال: لم يبق مع أمير المؤمنين من داره سواه، وقد تبرَّك به أمير المؤمنين، وكشف غشاء الخركاه حتّى رآه الأمراء فخدموه. ودخل بغداد، وكان يومًا مشهوداً. ولكن كان النّاس مشغولين بالغلاء والقحط المفرط. -[8]-

ثمّ جَهّز السُّلطان ألفي فارس عليهم خُمَارتِكِين، وانضاف معهم سرايا ابن منيع الخفاجيّ، فلم يشعُر البساسيريّ ودُبَيْس بن مزيد إِلَّا والعسكر قد وصل إليهم في ثامن ذي الحجّة. فثبت البساسيريّ والتقاهم بجماعته اليسيرة، فأُسِر من أصحابه أبو الفتح بن ورّام، ومنصور، وبدران، وحمّاد، بنو دُبَيْس، وضُرِب قُريش البساسيريّ بنشَّابة، وأراد هو قطع تجفافه ليخف الهزيمة فلم ينقطع، وسقط عن فرسه، فقتله دوادار عميد المُلْك، وحمل رأسه على رُمْحٍ، وطِيفَ بِهِ ببغداد، وعُلِّق قبالة باب النُّوبيّ فلله الحمد.

وفيها أقرّ السّلطان طغرلبك مملاّن بن وهسودان على ولاية أبيه بأذربيجان.

وفيها كان عقد الصُّلح بين السُّلطان إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين صاحب غَزْنَة، وبين السُّلطان جغربيك أخو طغرلبك، وكتبت النُّسخ بذلك بعد حروب كثيرة، حتى كل كل واحد من الفريقين. فوقع الاتفاق والإيمان، وفرح الناس.

ثم لم يَنْشَب جغربيك صاحب خراسان أن تُوُفّي في رجب من السّنة وقيل: تُوُفّي في صفر سنة اثنتين.

وفي سنة إحدى عزل أبو الحسين ابن المهتدي باللَّه عن خطابة جامع المنصور لكونه خطب للمُستنصِر العُبيْديّ بإلزام البساسيريّ، وولي مكانه الحسن بن عبد الودود ابن المهتدي بالله.

وفي هذا الوقت كان مُسْنِد العراق: الجوهريّ.

ومُسْنِد خراسان: أبو سعْد الكَنْجَرُوذيّ.

ومُسْنِده الحَرَم: كريمة المروزية.

والرفض غالٍ في الشّام ومصر، وبعض المغرب. فللّه الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015