-سنة خمس وثلاثين وأربعمائة

فيها رُدّت الجوالي إلى وُكلاء الخدمة.

وسار طغرلبك إلى الجبل، ووَرَدَ كتابُهُ إلى جلال الدّولة من الرّيّ، وكان أصحابه قد أخربوها، ولم يبق منها غير ثلاثة آلاف نفْس، وسُدّت أبواب مساجدها، وخاطب طغرلبك جلال الدّولة في المكاتبة بالملك الجليل، وخاطب عميد الدّولة بالشّيخ الرّئيس أبي طالب محمد بن أيّوب من طغرلبك محمد بن ميكائيل مولى أمير المؤمنين. فخرج التّوقيع إلى أقضى القُضاة الماورديّ، ورُوسل به طغرلبك برسالة تتضمّن تقبيح ما صنع في البلاد، وأمرَه بالإحسان إلى الرّعيّة. فمضى المارودي، وخرج طغرلبك يتلقّاه على أربع فراسخ إجلالًا له ولرسالة الخلافة.

وأُرْجِف بموت جلال الدّولة لِوَرَمٍ لحِقَهُ في كبِده، وانزعج النّاسُ، ونقلوا أموالهم إلى دار الخلافة. ثمّ خرجَ فرآه النّاسُ فسكنوا، ثمّ تُوُفّي وغُلّقت الأبواب، ونظر أولاده من الرَّوشن إلى الإصفهسِلّاريّة والأتراك، وقالوا: أنتم أصحابنا ومشايخ دولتنا وفي مقام والدنا، فارعَوا حقوقَنا، وصونوا حريمنا. فبكوا وقبَّلوا الآرض، وكان ابنه الملك العزيز بواسط، فكتبوا إليه بالتعزية.

وفيها دخلت الغُزّ الموصل، فأخذوا حُرَم قرواش بن المقلّد، ودُبَيْس بن عليّ عَلَى الإيقاع بالغز، فقتلت منهم مقتلة عظيمة.

وفيها خُطب ببغداد للملك أبي كاليجار بعد موت جلال الدولة. -[497]-

وكان مولد جلال الدّولة في سنة ثلاثٍ وثمانين وثلاثمائة، وكان يزور الصّالحين، ويقصد القزوينيّ، والدّينَوَريّ. مات من وَرَمٍ في كبِده في خامس شَعبان، وغسّله أبو القاسم بن شاهين الواعظ، وعبد القادر ابن السّمّاك ودُفِنَ بدار المملكة، ووُلي بغداد سبْع عشر سنة إلّا شهرًا، وخلّف ستّة بنين وخمس عشرة أنثى، وعاش اثنتين وخمسين سنة، وكانت دولته في غاية الوهن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015