110 - خ د ن: عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ بن ظبيان السدوسي البصري، [الوفاة: 81 - 90 ه]
أحد رؤوس الْخَوَارِجِ.
رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنْهُ: محمد بن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة.
قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج.
وقال الفرزدق: كان عمران بن حطان من أشعر الناس، لأنه لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَنَا لَقَالَ، وَلَسْنَا نَقْدِرُ أَنْ نَقُولَ مِثْلَ قَوْلِهِ.
وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: تَزَوَّجَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ امْرَأَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، فَكَلَّمُوهُ فِيهَا، فَقَالَ: سَأَرُدُّهَا إِلَى الْجَمَاعَةِ، يَعْنِي قَالَ: فَصَرَفَتْهُ إِلَى مَذْهَبِهَا.
وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ: أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَكَانَ دَمِيمًا قَبِيحًا، فَأَعْجَبَتْهُ مَرَّةً، فَقَالَتْ: أَنَا وَأَنْتَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ؟ قَالَتْ: لِأَنَّكَ أُعْطِيتَ مِثْلِي، فَشَكَرْتَ، وَابْتُلِيتَ بِمِثْلِكَ، فَصَبَرْتُ، وَالشَّاكِرُ وَالصَّابِرُ فِي الْجَنَّةِ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانَ كَانَ ضَيْفًا لِرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ، فَذَكَرَهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَنَا، فَأَعْلَمَهُ رَوْحٌ ذَلِكَ، فَهَرَبَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى رَوْحٍ:
يَا رَوْحُ كَمْ مِنْ كَرِيمٍ قَدْ نَزَلْتُ بِهِ ... قَدْ ظَنَّ ظَنَّكَ مِنْ لَخْمٍ وَغَسَّانِ
حَتَّى إذا خفته زايلت منزله ... من بعد ما قِيلَ: عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانِ
قَدْ كُنْتُ ضَيْفَكَ حَوْلا مَا تُرَوِّعُنِي ... فِيهِ طَوَارِقُ مِنْ إِنْسٍ ولا جَانِ
حَتَّى أَرَدْتَ بِي الْعُظْمَى فَأَوْحَشَنِي ... مَا يُوحِشُ النَّاسَ مِنْ خَوْفِ ابْنِ مَرْوَانِ -[982]-
فَاعْذِرْ أَخَاكَ ابْنَ زِنْبَاعٍ فَإِنَّ لَهُ ... فِي الْحَادِثَاتِ هَنَاتٍ ذَاتَ أَلْوَانِ
لَوْ كُنْتُ مُسْتَغْفِرًا يَوْمًا لِطَاغِيَةٍ ... كُنْتَ الْمُقَدَّمَ فِي سِرِّي وَإِعْلانِي
لكن أبت لي آيَاتٌ مُفَصَّلَةٌ ... عَقْدَ الْوِلايَةِ فِي " طَهَ " " وَعِمْرَانِ "
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَقِيَنِي عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ فقال: يا أعمى احْفَظْ عَنِّي هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
حَتَّى مَتَى تُسقَى النُّفُوسُ بِكَأْسِهَا ... رَيْبَ الْمَنُونِ وَأَنْتَ لاهٍ تَرْتَعُ
أَفَقَدْ رَضِيتَ بِأَنْ تُعَلَّلَ بِالْمُنَى ... وَإِلَى الْمَنِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ تُدْفَعُ
أَحْلَامُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ ... إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لا يُخْدَعُ
فَتَزَوَّدَنَّ لِيَوْمِ فَقْرِكَ دَائِبًا ... وَاجْمَعْ لِنَفْسِكَ لا لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ
وَمِنْ شِعْرِهِ فِي قَاتِلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَا ضَرْبةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حينا فأحسبه ... أوفى البرية عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانَا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُوِنِ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ ... لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغْيًا وَعُدْوَانَا
فَبَلَغَ شِعْرُهُ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَنَذَرَ دَمَهُ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْعُيُونَ، فَلَمْ تَحْمِلْهُ أَرْضٌ حَتَّى أَتَى رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ، فَأَقَامَ فِي ضِيَافَتِهِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الأَزْدِ، فَبَقِيَ عِنْدَهُ سَنَةً، فَأَعْجَبَهُ إِعْجَابًا شَدِيدًا، فَسَمَرَ رَوْحٌ ليلة عند عبد الملك، فتذاكرا شِعْرَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ هَذَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَوْحٌ تَحَدَّثَ مَعَ عِمْرَانَ، وَأَخْبَرَهُ بِالشِّعْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَنْشَدَهُ عِمْرَانُ بَقِيَّتَهُ، فَلَمَّا أَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: إِنَّ فِي ضِيَافَتِي رَجُلا مَا سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا قَطُّ إِلا حَدَّثَنِي بِهِ وَبِأَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَقَدْ أَنْشَدْتُهُ الْبَارِحَةَ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَهُمَا عِمْرَانُ فِي ابْنِ مُلْجِمٍ، فأنشدني القصيدة كلها، فقال: صفه لِي، فَوَصَفَهُ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَصِفُ صِفَةَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْقَانِي، قَالَ: نَعَمْ. فَانْصَرَفَ رَوْحٌ إِلَى مَنْزِلِهِ وَقَصَّ عَلَى عِمْرَانَ الأَمْرَ، فَهَرَبَ وَأَتَى الْجَزِيرَةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِعُمَانَ، فَأَكْرَمُوهُ، فَأَقَامَ بِهَا حَيَاتَهُ.
وَوَرَدَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ هَذِهِ:
أَرَى أَشْقِيَاءَ النَّاسِ لا يَسْأَمُونَهَا ... عَلَى أنَّهُمْ فِيهَا عُرَاةٌ وَجُوَّعُ -[983]-
أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تُحَبُّ فَإِنَّهَا ... سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَلِيلٍ تَقَشَّعُ
كَرَكْبٍ قَضَوْا حاجاتهم وَتَرحَّلُوا ... طَرِيقُهُمْ بَادِي الْعَلامَةِ مَهْيَعُ
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. قَالَهُ ابْنُ قَانِعٍ.