242 - محمد بن علي بن خلف، الوزير فخر الملك، أبو غالب ابن الصيرفي،

242 - محمد بن علي بن خلف، الوزير فخر المُلك، أبو غالب ابن الصَّيْرفيّ، [المتوفى: 407 هـ]

الّذي صُنفَ " الفخْريّ " في الجبر والمقابلة من أجله.

كَانَ جوادًا ممدَّحًا رئيسًا، قتله مخدومه سلطان الدولة ابن السلطان بهاء الدولة ابن عَضُد الدّولة بنواحي الأهواز في هذه السّنة.

ولُد فخر المُلك بواسط في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وتنقلت به الأحوال حتى ولى الوزارة، وكان قد جمع بين الحِلم والكرم والرأي.

قال أبو جعفر ابن المسلمة: كنت مع أبي عند فخر المُلك أبي غالب وقد رُفعت إليه سعايةٌ برجل، فوقع فيها: "السعاية قبيحة ولو كانت صحيحة. فإن كُنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوكٍ في مستور، ولولا أنّك في خَفَارة شَيْبك لعاملناك بما يُشبه مقالك، ويرتدع به أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب " ثم أمر الوزير فخر المُلك أن تطرح في الكتاتيب وتُعلم الصبيان، يعني: هذه الكلمات.

وقد ذكره هلال بْن المحسّن في كتاب " الوزراء " من جَمْعه، فأسهب في وصفه، وأطنب، وطوّل ترجمته.

وكان أَبُوهُ صَيْرفيّا بديوان واسط، فنشأ فخر المُلك في الدّيوان وكان يتعانى الكَرَم والمروءة في صغره، وله نفس أبية، وأخلاق سنّية، فكان أهله يلقّبونه بالوزير الصغير، فلم يلبث أن ولى مُشارفة بعض أعمال واسط، وتوصل إلى أن ولي ديوان واسط، وتخادم لبهاء الدولة ابن عضد الدولة ولم يزل حتى وزر وناب لبهاء الدّولة بفارس، وجرت عَلَى يده فتوحات.

وتُوُفّي أبو عليّ الحَسَن بْن أستاذ هُرمز عميد الجيوش، فولى أبو غالب وزارة العراق في آخر سنة إحدى وأربعمائة، ومدحه الشّعراء. فلم يزل حاكمًا عليها حتّى أُمْسِكَ بالأهواز في ربيع الأوّل وقُتل. -[126]-

وكان رحمه الله طلْق الوجه، كثير البِشر، جوادا، تنقل في الأعمال جليلها وحقيرها، وكان إليه المنتهى في الكفاءة، والخبرة، وتنفيذ الأمور، يوقّع أحسن توقيع وأسدهُ وألطفه، ويقوم بعد الكَدّ والنَّصْب وهو ضاحك، ما تبيَّن عليه ضجر، وكاتب ملوك الأقاليم وكاتبوه، وهاداهم وهادوه. ولم يكن في وزراء الدولة البُويهية من جمع بين الكتابة والكفاءة وكِبَر الهمّة والمروءة والمعرفة بكلّ أمرٍ مثلهُ. كان أعيان القوم أبو محمد المهلّبيّ، وأبو الفضل بْن العميد، وأبو القاسم بْن عَبّاد، وما فيهم من خبر الأعمال وجَمَعَ الأموال، مثل فخر المُلك، وكانت أيامه وعدله يزكى على أولئك، وكان من محاسن الدنيا التي يعز مثلها.

وله بيمارستان عظيم ببغداد قلّ أن عُمِل مثله، وكانت جوائزه وصِلاته واصلةً إلى العلماء والكُبراء والصُلحاء والأدباء والمساكين، وله في ذلك حكايات.

دُفن دفنا ضعيفا، فبدت رِجله ونبشته الكلاب، وهو في ثيابه لم يكفن، ثم أخذوا من وسطه هميانا فيه جوهر نفيس، وأخذوا لَهُ من النعَم والأموال ما ينيف على ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار.

وقد ولى وزارة بغداد في أيّام القادر بالله فأثر بها آثارا حسنة، وعم بإحسانه وجوده الخاص والعامّ، وعمّر البلاد، ونشر العدل والإحسان. قتل مظلوما، وقد مدحه غير واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015