170 - محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، واسم منده إبراهيم بن الوليد بن سنده بن بطه بن أستندار الحافظ الكبير، أبو عبد الله العبدي الإصبهاني.

170 - مُحَمَّد بْن أَبِي يعقوب إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَه، واسم مَنْدَهْ إِبْرَاهِيم بْن الوليد بْن سَنْدَه بْن بُطّه بْن أُسْتَنْدار الحافظ الكبير، أَبُو عَبْد اللَّه العَبْدي الْإصبهانيّ. [المتوفى: 395 هـ]

رحل وطوَّف الدُّنيا، وجمع، وصنَّف، وكتب ما لا ينحصر. وحدّث عَنْ أَبِيهِ، وعمّ أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن النَّضْر، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، أبي حامد بن بلال، وأبي سعيد ابن الْأعْرابي، وخَيْثَمة، والأصمّ، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن البَخْتَرِي، والهيثم بْن كُلَيْب الشّاشي، وأَبِي الطّاهر أحْمَد بن عمرو المَدِيني، وأَبِي الميمون بْن راشد الدمشقي، وابْن حَذْلَم، وأَبِي عَمْرو أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المديني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن محبوب المروزي، وعثمان بن أحمد ابن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن الصّباح، وأبي طاهر محمد بن الحسن المحمدآباذي، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن حفص الْإصبهاني، وخلق كثير، لقيهم بإصبهان، وخُرَاسان، والعراق، والحجاز، ومصر، والشام، وبُخَارَى. وبقي فِي الرّحلة نَيِّفًا وثلاثين سنة، وأقام بما وراء النَّهر زمانًا.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وهو من شيوخه، والحاكم أَبُو عَبْد اللَّه، وتمّام الرّازي، وحمزة السَّهْمي، وَأَبُو نُعَيْم، ومُحَمَّد بْن أحْمَد غُنْجَار، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وأَحْمَد بْن محمود الثقفي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد العجلي الرّازي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان، وعُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر المعداني، وعَبْد الواحد بن أحمد البقّال، والمطَّهر بْن عَبْد الواحد البزّاني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر النّقّاش، والفضل بْن عَبْد الواحد الخيّام، وَأَبُو طاهر المنتجع بْن أحْمَد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر الطَّهْراني، وَأَبُو المظفَّر عَبْد اللَّه بْن شبيب المقرئ، وشجاع بْن عَلِيّ المصقليّ، وأخوه أحْمَد، وزياد بْن مُحَمَّد بْن زياد الجلاب، وَأَبُو سهل حَمْد بْن أحْمَد -[756]- ولكِيز، وعائشة بِنْت الْحَسَن الوَركانيّة، وبنوه: عُبَيْد اللَّه، وعَبْد الرَّحْمَن، وعَبْد الوهاب، وخلْق سواهم.

قَالَ الباطَرْقَانِي: حدثنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق العَبْدي إمام الْأئمّة - لَقَّاه اللَّه رضوانه -.

وقَالَ الحاكم: أوّل خروجه إلى العراق من عندنا، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، فسمع بها، وبالشّام، وأقام بمصر سنين، وصنّف " التاريخ " و " الشيوخ "، ثم التقينا ببُخَارَى، وقد زاد زيادة ظاهرة، وجاءنا إلى نيسابُور سنة أربعٍ أو خمسٍ وسبعين، ثم خرج إلى وطنه.

وقَالَ عَبْد اللَّه بْن أحْمَد السُّوذَرْجاني: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: كتبت عَنْ ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من أَبِي أحْمَد العَسَّال.

وقَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ النيسابُوري يَقُولُ: أَبُو عَبْد اللَّه، من بيت الحديث والحِفْظ، وأحْسَنَ الثَناءَ عَلَيْهِ، وقَالَ: ألا ترون إلى قريحته.

وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد التيمي الحافظ: سَمِعْتُ عمر السمناني غير مرة يقول: ذكر أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه عند أبي نعيم، فقال: كان جبلا من الجبال.

وقَالَ ابن طاهر: سَمِعْتُ سعد بْن عَلِيّ الحافظ بمكّة يَقُولُ - وسُئل عَنِ الدارقطني، وابن منده، والحاكم، وعبد الغني بن سعيد - فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعِلَل، وأمّا ابن مَنْدَه فأكثرهم رِوايةً، مَعَ المعرفة التامّة، وأمّا الحاكم فأحسنهم تصنيفًا، وأمّا عَبْد الغني فأعرفهم بالأنساب.

وقَالَ أَبُو عَبْد الله بن أبي ذُهَل الهَرَوِي: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: لا يخرّج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب.

وقَالَ أحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي: كتب أَبُو أحمد العسال إلى أبي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه وهو بنيسابُور، فِي حديث أشْكِل عَلَيْهِ، فأجابه بإيضاحه، وبيان عِلَله.

وذكر غير واحد، عَنْ أَبِي إِسْحَاق بن حمزة الحافظ أَنَّهُ قَالَ: ما رَأَيْت مثل أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه.

قلت: أَبُو إسحاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن حمزة تُوُفِّي سنة ثلاث -[757]- وخمسين وثلاثمائة، وقد روى مع تقدمه عن ابن مَنْدَه، وقد قَالَ فِيهِ ابن مَنْدَه: ما رَأَيْت أحفظ منه.

وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه: كتب أَبِي عَنْ أربعة من شيوخه، أربعة آلاف جُزْء. كتب عَنِ ابن الْأعْرابي بمكّة ألف جُزْء، وعن خَيْثَمة بأطْرَابُلُس ألف جُزْء، وعن أبي العباس الأصم بنيسابور ألف جُزْء، وعن الهَيْثَم بْن كُلَيْب ببُخَارَى ألف جُزْء. وسمعت أَبِي يَقُولُ: كتبت عَنْ ألفٍ وسبعمائة شيخ.

وقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد المُسْتَغْفِري الحافظ: ما رَأَيْت أحفظ من ابن مَنْدَه، سَأَلْتُهُ ببُخَارَى: كم تكون سماعات الشَّيْخ؟ قَالَ: تكون خمسة آلاف منٍّ.

وقَالَ أحْمَد بْن جَعْفَر الْإصبهاني الحافظ: كتبت عَنْ أكثر من ألف شيخٍ، ما فيهم أحفظ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه.

وكان أَبُو عَبْد اللَّه قد تزوج فِي عَشْر الثمانين، فولد لَهُ عَبْد الرَّحْمَن، وعُبَيْد اللَّه، وعَبْد الرّحيم، وعَبْد الوهاب.

وقَالَ شيخ الْإسلام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه سيد أهل زمانه.

وقَالَ الحافظ أَبُو زكريّا يحيى بْن عَبْد الوهاب بْن مَنْدَه: كنت مَعَ عمّي عُبَيْد اللَّه فِي طريق نيسابُور، فلما بلغنا بئر مجنة، قال عمي: كنت مرة ههنا، تعرّض لي شيخ جَمّال، فَقَالَ: كنت قافلا عَنْ خُرَاسان مَعَ أَبِي، فلما وصلنا إلى هنا، إذا نَحْنُ بأربعين وقْرًا من الْأحمال، فظننّا أَنَّهُ منسوج الثّياب، وإذا خيمة صغيرة، فيها شيخ، فإذا هُوَ والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حَدِيثَ رَسُول اللَّه - صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقَالَ الباطَرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: طُفْتُ الشَّرقَ والغرب مرّتين، وكنت مَعَ جماعة عند أَبِي عَبْد اللَّه فِي الليلة التي تُوُفِّي فيها، ففي آخر نَفَسِه، قَالَ واحد منَّا: لا إله إلا اللَّه، يريد تلقينه، فأشار بيده إِلَيْهِ دفعتين ثلاثة، أيْ أُسْكُت، يقال لي مثل هذا؟! وتُوُفِّي ليلة الجمعة، سلْخ ذي القعدة. -[758]-

قلت: وكان أَبُو نُعَيْم كثير الحَطّ عَلَى ابن مَنْدَه، لمكان المعتقد واختلافهما في المذهب، فَقَالَ في تاريخه: ابن منده، حافظ من أولاد المحدّثين،

تُوُفِّي فِي سلْخ ذي القعدة، واختلط فِي آخر عمره، فحدث عَنْ أَبِي أُسَيْد، وعَبْد اللَّه ابن أخي أَبِي زُرْعَة، وابْن الجارود، بعد أن سَمِعَ منه أنّ لَهُ عَنْهُمْ إجازة، وتخبَّط فِي أماليه، ونَسَبَ إلى جماعة أقوالا فِي المعتقدات لم يعرفوا بها، نسأل اللَّه السَّتْر والصّيانة.

قلت: أي واللَّه، نسأل اللَّه السّتْر وتَرْكَ الهَوَى والعَصَبِيَّة. وسيأتي فِي ترجمة أبي نُعَيم شيء من تضعيفه، فليس ذَلِكَ موجبًا لضَعْفه، ولا قوله مُوجِبًا لضعف ابن مَنْدَه، ولو سمعنا كلام الْأقران، بعضهم فِي بعض لاتَّسَع الخَرْقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015