ابْنَ سَلُولٍ، فَلَمَّا سَمِعَهَا قَالَ: قَدْ ثَاوَرُونَا فِي بِلادِنَا. وَاللَّهِ مَا أَعُدُّنَا وَجَلابِيبَ قُرَيْشٍ هَذِهِ إِلا كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ. وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: هَذَا مَا صَنَعْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلادَكُمْ وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ. أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَفَفْتُمْ عَنْهُمْ لِتُحَوِّلُوا عَنْكُمْ مِنْ بِلادِكُمْ. فَسَمِعَهَا زَيْدٌ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَيْمٌ، وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فَلْيَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ: فَكَيْفَ إِذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ؟ لا، وَلَكِنْ نَادِ يَا عُمَرُ فِي الرَّحِيلِ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ أُبَيٍّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَذِرُ، وَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ، وَكَانَ عِنْدَ قَوْمِهِ بِمَكَانٍ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلامُ أَوْهَمَ. وَرَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَجَّرًا في ساعة كان لا يَرُوحَ فِيهَا. فَلَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رُحْتُ فِي سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ. فَقَالَ: أَمَا بَلَغَكَ مَا قَالَ صَاحِبُكَ ابْنُ أُبَيٍّ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنتَ وَاللَّهِ الْعَزِيزُ وَهُوَ الذَّلِيلُ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْفِقْ بِهِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِكَ وَإِنَّا لَنُنَظِّمُ لَهُ الْخَرَزَ لِنُتَوِّجَهُ فَإِنَّهُ لَيَرَى أَنْ قد استبلته مُلْكًا. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، حَتَّى أَصْبَحُوا وَحَتَّى اشْتَدَّ الضُّحَى. ثُمَّ نَزَلَ بِالنَّاسِ لِيُشْغِلَهُمْ عما كان من الحديث، فلم يأمن النَّاسُ أَنْ وَجَدُوا مَسَّ الأَرْضِ فَنَامُوا. وَنَزَلَتْ سورة المنافقين.
وقال ابن عيينة: حدثنا عمرو بن دينار، قال: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ. فَقَالَ عبد الله بن أبي ابن سلول: أوقد فعلوها؟ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ثم كثر المهاجرون بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هذا