347 - أحمد بن محمد، أبو العبّاس الدّارمي المَصَّيصي، الشّاعر المشهور بالنّامي. [المتوفى: 370 هـ]
أحد شعراء سيف الدّولة الخَوَاصّ، وكان تِلْوَ المتنبّي في الرُّتْبة عند سيف الدّولة. وكان عارفاً باللّغة. أملى آدابًا بحلب عن علي بن سليمان الأخفش، وابن دَرَسْتَوَيْهِ الْفارسي، وأبي بكر الصُّولِيِّ، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أبو القاسم الحسين بن علي بن أسامة الحلبي، وأبو الحسين أحمد بن علي أخوه، وأبو بكر الخالدي، والقاضي أَبُو طاهر صالح بن جعفر الهاشمي، وجماعة.
وله في سيف الدّولة:
أميرَ العُلَى أنّ العوالي كواسب ... علاك في الدُّنيا وفي جنّة الخُلْدِ
يمرُّ عليك الحَوْلُ سيفُك في الطّلى ... وطرْفُكَ ما بين الشّكيمة واللْبد
ويمضي عليك الدّهر فعلُك للعُلى ... وقولُك للتَّقْوَى وكفُّك للرُفْدِ
وله مع المتنبّي وقائع ومعارضات في الأناشيد، وليس هو من رجال المتنّبي، ولكنّه شاخ، وبقي شيخ الأُدباء بالشام.
ذكر أبو الخَطَّاب بن عَوْن قال: دخلت عليه فوجدت رأسه كالثُغَامة بياضًا، وفيه شعرة واحدة سوداء، فقلت: يا سيّدي في رأسك شعرة سوداء، فقال: نعم هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها، ولي فيها:
رأيتُ في الرأس شعرةً بَقِيَتْ ... سوداءَ تَهوى العيونُ رؤيتهَا -[317]-
فقلتُ للبيضِ إذ تُروَّعها ... بالله إلّا رحمتِ غربتها
فَقَلَّ لَبْثُ السوداء في وطَنٍ ... تكونُ فيهِ البيضاء ضَرَّتها
ثم قال لي: بيضاء واحدة تروّع ألف سوداء فكيف حال سوداء بين ألف بيضاء؟
وتُوُفّي النامي عن تسعين سنة. وشعره قليل، كان بطيء الخاطر، ربّما بقي أشهرًا في عمل القصيدة. وكان يَحْدُثُ لسيف الدّولة الحادثة أو الفتح فيُهَنّيه بذلك بعد أشهر.
والمصيصة: مدينة مجاورة لطرسوس على ساحل بحر الرُّوم، بناها صالح بن علي عمّ المنصور سنة أربعين ومائة، وهي اليوم بيد صاحب سيس.