حَرَامٍ: " اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَافِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا ". قَالَ أَبِي: فَحَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عَيْنَهُ الَّتِي مَرَّتْ على قبور الشهداء، واستصرخنا عَلَيْهِمْ وَقَدِ انْفَجَرَتْ عَلَيْهِمَا فِي قَبْرِهِمَا، فَأَخْرَجْنَاهُمَا وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غَطَّى بِهِمَا وُجُوهَهُمَا. وَعَلَى أَقْدَامِهِمَا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، فَأَخْرَجْنَاهُمَا كَأَنَّهُمَا يتثنيان تثنيا كأنما دُفِنَا بِالْأَمْسِ.

وَهذا هو عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّلْمِيُّ، سَيِّدُ بَنِي سلمة. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: شَهِدَ بَدْرًا. وَابْنُهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ هُوَ الَّذِي قَطَعَ رِجْلَ أَبِي جَهْلٍ، وَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَلْبِهِ لِمُعَاذٍ. وَكَانَ عَمْرُو بن الجموح زَوْجَ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حرام.

ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ مَنَافٌ فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْمَدِينَةَ، بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتُمُونَا بِهِ؟ قَالُوا: إِنْ شئت جئنا وأسمعناك، فواعدهم فجاؤوا، فقرأ عليه " الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ "، فَقَرَأَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقْرَأَ. فَقَالَ: إِنَّ لَنَا مُؤَامَرَةً فِي قَوْمِنَا - وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي سَلَمَةَ - فَخَرَجُوا، فَدَخَلَ عَلَى مَنَافَ فَقَالَ: يَا مَنَافُ، تَعْلَمُ وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ غَيْرَكَ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ نَكِيرٍ؟ - قَالَ: فَقَلَّدَهُ سيفاً، وخرج فَقَامَ أَهْلُهُ فَأَخَذُوا السَّيْفَ، فَجَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَخَذُوا السَّيْفَ فَقَالَ: يَا مَنَافُ أَيْنَ السَّيْفُ وَيْحَكَ، إِنَّ الْعَنْزَ لَتَمْنَعُ اسْتَهَا، وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي أَبِي جِعَارٍ غَدًا مِنْ خَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى مَالِي فَاسْتَوْصُوا بِمَنَافَ خَيْرًا. فَذَهَبَ فَكَسَرُوا مَنَافَ وَرَبَطُوهُ مَعَ كَلْبٍ مَيِّتٍ. فَلَمَّا جَاءَ رَأَى مَنَافَ، فَبَعَثَ إلى قومه فجاؤوه فَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ - قَالُوا: بَلَى، أَنْتَ سَيِّدُنَا، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قُومُوا إلى جنة عرضها السماوات وَالْأَرْضُ " فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: " نعم الرَّجُلُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015