31 - م ن: سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي،

31 - م ن: سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأموي، [الوفاة: 51 - 60 ه]

والد عمرو، ويحيى.

قُتِلَ أَبُوه يَوْم بدر مشركًا وخلف سَعِيدا طفلًا.

وَقَالَ أَبُو حاتم: لَهُ صحبة.

رَوَى عَنْ: عمر، وعائشة.

وَعَنْهُ: ابناه، وعُروة بن الزبير، وسالم بن عَبْد اللَّهِ.

وَكَانَ أحد الأشراف الأجواد الممدَّحين، والحلماء العقلاء .. ولي إمرة المدينة غير مرة لمعاوية، وولي الْكُوفَة لعُثْمَان، واعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة من عقله، فلما صفا الأمر لمعاوية وفد إليه، فأمر لَهُ بجائزة عظيمة، وقد غزا سَعِيد طبرستان في إمرته عَلَى الْكُوفَة، فافتتحها، وفيه يقول الفرزدق: -[498]-

ترى الغُر الجحاجح من قريش ... إذ مَا الأمر ذو الحَدَثَان عالا

قِيَامًا ينظرونَ إِلَى سَعِيد ... كأَنَّهُم يَرَوْنَ بِهِ هِلالا

وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولسَعِيد بن العاص بن أَبِي أحَيحة تسع سنين أَوْ نحوها. وَلَمْ يزل في نَاحِيَةِ عُثْمَان لقرابته مِنْهُ، فاستعمله عَلَى الْكُوفَة لَمَّا عزل عنها الْوَليد بن عقبة، فقدِمها سَعِيد شابًا مترفًا، فأضر بأَهْلها إضرارًا شديدا، وعمل عليها خمس سنين إلا أشهرا، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ أَهْل الْكُوفَة وطردوه، وأمَّروا عليهم أبا موسى، فأبى عليهم، وجدد البيعة في رقابهم لعُثْمَان، وكتب إليه فاستعمله عليهم. وَكَانَ سَعِيد بن العاص يَوْم الدار مع عُثْمَان يقاتل عَنْهُ، وَلَمَّا خرج طلحة والزبير نَحْوَ الْبَصْرَةِ خرج معهم سَعِيد، ومروان، والمغيرة بن شُعبة، فلما نزلَوْا مَرَّ الظهران قَامَ سَعِيد خطيبًا، فحمد اللَّه، وأثني عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أما بَعْد، فإن عُثْمَان عاش حميدًا، وخرج فقيدا شهيدًا، فضاعف اللَّه لَهُ حسناته، وقد زعمتم أنكم خرجتم تطلبون بدمه، فإن كنتم تريدون ذلك، فإن قَتَلَةَ عُثْمَان عَلَى صدور هَذِهِ المطي وأعجازها، فميلَوْا عليهم بأسيافكم. فَقَالَ مروان: لا بل نضرب بعضهم ببعض، فمن قتل ظفرنا منه، ويبقى الباقي فنطلبه وقد وهى. وَقَامَ المغيرة فَقَالَ: الرأي مَا رأي سَعِيد، وذهب إِلَى الطائف، ورجع سَعِيد بن العاص بمن اتبعه، فلم يزل بمكة حَتَّى مضت الجمل وصِفين.

وَقَالَ قَبِيصة بن جابر: إِنَّهُم سألوا مُعَاوِيَة: من ترى لِهَذَا الأمر بَعْدَك؟ قَالَ: أما كريمة قريش فسَعِيد بن العاص وأما فلان، وذكر جماعة.

ابن سعد: حدثنا عَلَيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضِ بن جعدبة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: خَطَبَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ أُمَّ كلثوم بنت علي بعد عمر بن الخطاب، وَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَخُوهَا الْحُسَيْنُ فَقَالَ: لَا تَزَوَّجِيهِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: أَنَا أُزَوِّجَهُ، وَاتَّعَدُوا لِذَلِكَ، وَحَضَرَ الْحَسَنُ، وَأَتَاهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَمَنْ مَعَهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ الْحَسَنُ: سَأَكْفِيكَ، قَالَ: فَلَعَلَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَرِهَ -[499]- هَذا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لا أدَخَلُ فِي شَيْءٍ يكرهه، ورجع ولم يعرض في المال، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا.

وَقَالَ الْوَليد بن مزيد: حدثنا سَعِيد بن عَبْد العزيز، قَالَ: عربية القرآن أقيمت عَلَى لسان سَعِيد بن العاص بن سَعِيد لأَنَّهُ كَانَ أشبههم لهجة برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى الْوَاقدي، عَن رجاله، أن سَعِيد بن العاص خرج من الدار، فقاتل حَتَّى أم، ضربه رَجُلٌ ضربة مأمومة، قال الذي رآه: فلقد رأيته، وإنه ليسمع صوت الرعد، فيغشى عَلَيْهِ.

وَقَالَ هُشَيْم: قدِم الزبير الْكُوفَة زمن عُثْمَان، وعليها سَعِيد بن العاص، فبعث إلى الزبير بسبع مائة ألف فقبلها.

وَعَن صالح بن كَيْسان، قَالَ: كَانَ سعيد بن العاص حليما وقورا، ولقد كانت المأمومة التي أصابت رأسه يَوْم الدار، قَدْ كَانَ أن يخف منها بعض الخفة وَهُوَ عَلَى ذلك من أوقر الرجال وأحلمهم.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مروان أميرًا علينا بالمدينة ستَّ سنين، فكان يسب عليًا في الجُمَع، ثُمَّ عزل، فاستعمل علينا سَعِيد بن العاص، فكان لَا يسب عليًا.

وَقَالَ ابن عُيينه: كَانَ سَعِيد بن العاص إذا سأله سائل، فلم يكن عنده شيء قال: اكتب علي بمسألتك سِجِلا إِلَى أيام مَيْسرَتي.

وَرَوَى الأصمعي أن سَعِيد بن العاص كَانَ يدعو إخوانه وجيرانه كل جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمر لهم بالجوائز الْوَاسعة.

وَرَوَى عَبْد الأعلى بن حماد، قَالَ: استسقى سَعِيد بن العاص من دار بالمدينة، فسقوه، ثُمَّ حضر صاحب الدار في الْوَقت مع جَمَاعَة يعرض الدار -[500]- للبيع، وَكَانَ عَلَيْهِ أربعة آلاف دينار، فبلغ ذلك سَعِيدا فَقَالَ: إن لَهُ عَلَيْهِ ذِمامًا لسَقيه، فأداها عَنْهُ.

وَعَن يحيى بن سَعِيد الأموي: أن سَعِيد بن العاص أطعم النَّاس في سَنَة جدبة، حَتَّى أنفق مَا في بيت المال وأدان، فعزله مُعَاوِيَة لذلك.

وَيُرْوَى: أَنَّهُ تُوُفِّيَ وعليه ثمانون ألف دينار.

الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بَعَثَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بَرِيدًا يُخْبِرُ مُعَاوِيَةَ، وَبَعَثَ مَرْوَانُ أَيْضًا بَرِيدًا، وَأَنَّ الْحَسَنَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَأَنَا حَيٌّ، فَلَمَّا دُفِنَ الْحَسَنُ بِالْبَقِيعِ، أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ وَبِقِيَامِهِ مَعَ بَنِي أُمَّيَةَ وَمَوَالِيهِمْ، وَأَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَقَدْتُ لِوْائِي، وَلَبِسْنَا السِّلاحَ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، فَدَرَأَ اللَّهُ، أَنْ يَكُونَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثَالِثٌ أَبَدًا، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أمير المؤمنين عثمان وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا بِعُثْمَانَ مَا فَعَلُوا. فكتب مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ يَشْكُرُ لَهُ، وَوَلاهُ الْمَدِينَةَ، وَعَزَلَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَكَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ أَنْ لا تَدَعَ لِسَعِيدً مَالا إِلا أَخَذْتُهُ، فَلَمَّا جَاءَ مَرْوَانُ الْكِتَابُ بَعَثَ بِهِ مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى سَعِيدٍ، فَلَمَّا قَرَأَهُ أَخْرَجَ كِتَابَيْنِ، وَقَالَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: اقْرَأْهُمَا، فَإِذَا فِيهِمَا: مِنْ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَعِيدٍ، يَأْمُرُهُ حِينَ عُزِلَ مَرْوَانُ أَنْ يَقْبِضَ أَمْوَالَهُ، وَلَا يَدَعْ لَهُ عِذْقًا، فَجَزَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ خَيْرًا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنَّكَ جِئْتَنِي بِهَذَا الْكِتَابِ، مَا ذَكَرْتُ مِمَّا تَرَى حَرْفًا وَاحِدًا، فَجَاءَ عَبْدُ الملك بن مروان بالكتاب إلي أبيه، فقال مَرْوَانُ: هُوَ كَانَ أَوْصَلَ لَنَا مِنَّا لَهُ.

وعن صالح بن كيسان قال: كان سعيد بن العاص من أوقر الرجال وأحلمهم، وَكَانَ مروان حديد اللسان، سريع الجواب، ذلق اللسان، قلما صبر إن كَانَ في صدره حُبُّ أحدٍ أَوْ بُغْضُه إِلَّا ذَكَرَه، وَكَانَ سَعِيد خلاف ذلك ويقول: إن الأمور تغير، والقلَوْب تتغير، فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحًا الْيَوْم، عائبًا غدًا.

وقال الزبير: مات سَعِيد في قصره بالعَرَصَة، عَلَى ثلاثة أميال من المدينة، وحُمل إِلَى البقيع، وركب ابنه عمرو بن سَعِيد إِلَى مُعَاوِيَة، فباعه -[501]- منزله وبستانه بالعرصة بثلاثمائة ألف درهم، وقيل: بألف ألف درهم؛ قاله الزبير بن بكار.

وفي ذلك المكان يقول عمرو بن الْوَليد بن عقبة:

القصر ذو النخل والجمار فوقها ... أشهى إِلَى النفس من أَبُواب جَيُرونِ.

قَالَ خَلِيفَة وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين.

وَقَالَ مسدد: مات سَعِيد بن العاص، وعائشة، وأَبُو هريرة، وعَبْد اللَّهِ بن عامر: سَنَة سبع أَوْ ثمان وخمسين.

وَقَالَ أَبُو معشر: سَنَة ثمان وخمسين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015