تُوُفّي فيها: أحمد بن الحَسَن المِصْريُّ الأيْليّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد قاضي حمص، وأحمد بن عَمْرو أبو بكر البزّار، وأبو مسلم الكَجّيّ، وإدريس بن عبد الكريم المقرئ، وأسلم بن سهل الواسطي بحشل، وأبو خازم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز، وعليّ بن محمد بن عيسى الجكانيّ، وعليّ بن جبلة الأصبهاني.
وفي صفرها سار محمد بن سليمان إلى مصر، لحرب صاحبها هارون بن خمارويه فجرت بينهم وقعات، ثمّ وقع بين أصحاب هارون اختلاف، فاقتتلوا، فخرج هارون ليُسَكِّنَهم، فرماه بعضُ المغاربة بسهمٍ قتله، وهربوا، فدخل محمد بن سليمان مصر، واحتوى على خزائن آل طولون، وقيَّد منهم بضعة عشر نفْسًا، وحبسهم. وكتب بالفتح إلى المكتفي.
وَرُوِيَ أنّ محمد بن سليمان لما قرُب من مصر، أرسل إلى هارون يقول: إن الخليفة قد ولّاني مصر، ورسم أن تسير إلى بابه إنْ كنت مطيعًا. -[865]-
فشاور قوّاده، فأبوا عليه، فخرج هارون فصاح: المكتفي يا منصور. فقال القّواد: هذا يريد هَلَاكَنا. فدُّسوا خادمًا، فقتله على فراشه، وأقاموا مكانه شيبان بن أحمد بن طولون ثمّ خرج شَيبان إلى محمد مستأمنًا. ثمّ سُيِّر آل طولون إلى بغداد، فحُبِسوا بها.
قال نِفْطَوَيْه: ظهر من شجاعة محمد بن سليمان، وإقدامه على النَّهْب، وضرب الأعناق، وإباحة الأموال الطُّولونية، ما لم يُرَ مثله. ثمّ اجتبى الخراج. وكان يركب بالسيوف المسللة والسلاح.
وفيها وافى طُغْجُ بنُ جُفٍّ وأخوه بدْرُ بغدادَ، ودخل بدْر الحمّاميّ، فوجّه يومئذٍ مائتي جَمّازة إلى عسكر محمد بن سليمان، لأن العباس بن الحَسَن الوزير ساء ظنه بمحمد بن سليمان، وخاف أن يغلب على مصر، وبلغه عنه كلام، فكتب إلى القُوّاد الّذين مع محمد بالقبض عليه، ففعل ذلك جماعة منهم وقيدوه.
وفي جُمادَى الأولى زادت دِجْلة زيادةً لم يُرَ مثلها، حتّى خربت بغداد، وبلغت الزّيادة إحدى وعشرين ذراعاً.
وفيها خرج الخلنجي القائد بنواحي مصر، فسار من بغداد فاتك المعتضدي لمحاربته، واستولى الخلنجي على مصر.
وفيها قدِم بدر الحمّاميّ على المكتفي، فبالغ في إكرامه وحَبَائه، وتلقّته الدّولة، وطُوِّق وسُوِّر، وجهز مع فاتك في جيشٍ كثيفٍ لحرب الخلنجي.
وفيها وصلت تَقَادُم إسماعيل بن أحمد من خراسان على ثلاثمائة جَمَلٍ، ومائة مملوك.