610 - أبو العباس السرخسي، واسمه أحمد بن الطيب

610 - أَبُو العَبَّاس السَّرْخَسِيُّ، واسمه أَحْمَد بن الطّيّب [الوفاة: 281 - 290 ه]

عَلَى الصّحيح، وَقَالَ محمد بن إسحاق النديم وحده اسمه: أَحْمَد بن محمد بن مروان السَّرْخَسِيّ النديم.

وقال: كان متفنناً في علومٍ كثيرة من علوم القُدماء والعرب، حَسَن المعرفة، جيّد القريحة، بليغ اللسان، مليح التَّصنيف. كَانَ معلّمًا للمعتضد، ثُمَّ نادَمَه وخُصّ بِهِ، وَكَانَ يفضي إِلَيْهِ بسرّه ويستشيره، وَلَهُ مصنفات في الفلسفة.

وقال ابن النجار: كان يعرف أيضاً بابن الفرائقي. وَكَانَ تلميذًا ليعقوب بن إِسْحَاق الكِنْدِيّ.

رَوَى عنه: أحمد بن إسحاق الملحمي، وأبو بكر محمد بن -[858]- أبي الأزهر، والحسن عم أبي الفرج الأصبهاني، وجماعة. وروى عنه محمد بن أحمد الكاتب، قال: كانت الفلاسفة تتنكب النَّظر في المرآة تطيُّرًا من طلعة المَشِيب، ويزعمون أَنَّهُ يُورِث البَصَر خوارًا، والجسْمَ ضُمُورًا.

ثُمَّ إنَّ المُعْتَضِد قتل السَّرْخَسِيّ لفلسفته وسُوء اعتقاده.

وقال المرزباني: أخبرنا عَليّ بن هَارُون بن عَليّ بن يَحْيَى المنجم قال: أَخْبَرَنِي عُبَيْد الله بن أَحْمَد بن أبي طاهر، قال: حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَد يَحْيَى بن عَليّ النّديم قَالَ: حضرت أَحْمَد بن الطَّيّب وَهُوَ يَقُولُ للمعتضد: قد بعتُ دفاتري التي في النُّجُوم والفلسفة والكلام والشِّعر، وتركت ما فيها من الحديث، وما همّي في هَذَا الوقت إِلا الفِقْه والحديث. فَلَمَّا خرج قَالَ المُعْتَضِد: أنا والله أعلم أَنَّهُ زِنْديق، وَأَنَّ هَذَا الذي فعله كله رِياء.

فَلَمَّا خرجت قُلْتُ فيه:

يا من يصلي رياء ... ويظهر الصوم سمعه

وليس يعبد ربا ... ولا يدين بشرعه

قد كنت عطّلت دَهْرًا ... فكيف أسلمتَ دُفْعه؟

قل لي: أبعد اتباع الـ ... ـكندي تعمر ربعه

إنْ قُلْتَ: قد تبتُ ... فالشَّيْخ لا يفارق طَبْعَه

أظْهَرْتَ تَقْوًى وَنُسُكًا ... هيهات في الأمر صنعه

روى أبو عَليّ التنوخيّ، عن أَبِيهِ، أَنَّ المعتضد أسرَّ إلى أَحْمَد بن الطّيّب أَنَّهُ قابضٌ عَلَى وزيره عبيد الله بن سليمان، فأفشى ذَلِكَ إليه، فقبض المُعْتَضِد عَلَى أَحْمَد.

قَالَ: وَقِيلَ بل دعا المُعْتَضِد إلى مذهب الفلاسفة، فاستحل دمه، فأرسل إليه يقول: أنت قد عرَّفْتنا أن الحكماء قَالُوا: لا يجب للملك أن يغضب، فَإِذَا غضب فلا يجب لَهُ أن يرضى، ولولا هذا لأطلقتك لسالف خدمتك، فاخْتَرْ أيَّ قِتْلَةٍ أقتُلُك، فاختار أن يُطعم اللَّحْم الملَبَّب، وأن يُسقى الخمر حتى يسكر، ويفصد في يديه ويترك دمه حَتَّى يموت، ففعل بِهِ ذَلِكَ. وظنّ أَحْمَد أن دمه إذا فرغ مات في الحال بغير ألم، فانعكس ظنُّه، فَفُصِدَ ونزل جميع دمه، وبقيت فيه حياة، فلم يَمُت. وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الصَّفْراء، فصار كالمجنون، ينطح برأسه -[859]- الحيطان، ويصيح لفرط الآلام، ويعدو ساعات كثيرة إلى أن مات.

وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد ابن القوّاس في تاريخه أَنَّ المُعْتَضِد غضب عَلَى أَحْمَد بن الطّيّب في سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين، وضربه مائة سوْط، وسجنه، وَأُهْلِكَ في المحرّم أَوْ صَفَر سنة ستٍّ وثمانين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015