-سُحَيْم عَبْد بني الحَسْحَاس. [الوفاة: 35 - 40 ه]
شاعر مُفْلِقٌ، بديع القول، لَا صَحْبه له.
رَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنُ، عَنِ السَّائِبِ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذَا عَبْدُ بَنِي الْحَسْحَاسِ يَقُولُ الشِّعْرَ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَقَالَ:
وَدِّعْ سُلَيْمَى إِنْ تَجَهَّزْتَ غَادِيًا ... كَفَى الشَّيْبُ وَالإِسْلامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا
قَالَ: حَسْبُكَ، صَدَقْتَ صَدَقْتَ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وهذه قصيدة طنانة يقول بها:
جُنونًا بها فيما اعتلقنا علاقة ... علاقة حبّ مَا استَسَرَّ وباديا
ليالي تصطادُ الرجال بفاحِمٍ ... تراه أثيثًا ناعمَ النَّبْت عافيا
وجيد كجيد الرِّيم ليس بعاطلٍ ... من الدُّرّ والياقوت أصبح حاليا
كأن الثُّرَيَّا علقت فوق نحرِها ... وجَمْر غَضَى هبَّتْ له الرِّيحُ زاكيا
إذا اندفَعَتْ فِي ريطةٍ وخميصة ... وألقت بأعلى الرأس سبًّا يمانيًا
تُريك غداة الْبَيْنِ كفًّا ومِعْصمًا ... وَوَجْهًا كدِينار الأعِزَّة صافيا
فلو كنت وردًا لونه لَعَشِقُتني ... ولكنّ ربّي شانني بسواديا
أتَكَتُم حَيِّيتُمْ على النَّاي تكَتُّما ... تحية من أمسى بحبِّك مُغْرما
وماشيةٍ مَشْيََ القطاةِ اتَّبَعْتُها ... من السير تخشى أهلها أن تكلما -[382]-
فقالت له يا وَيْح غيرك إنّني ... سمعت كلامًا بينهم يَقْطُر الدَّما
وله من قصيدة:
وإن لَا تُلاقي الموتَ فِي اليوم فاعْلَمَنْ ... بأنك رَهْنٌ أنْ تلاقِيه غدا
رَأَيْت المنايا لم يدعن محمدا ... ولا أحدا إلّا له الموتُ أرْصَدا
وقيل: إنّ سحيمًا لمّا أكثر التَّشبيب بنساء الحيّ عزموا على قتله، فبكت امرأةٌ كان يُرْمَى بها، فقال:
أمِنْ سُمَيَّةَ دمْعُ العين مذْرُوفُ ... لو أنّ ذا منك قبل اليوم معروفُ
المالُ مالُكُم والعبد عبدكمْ ... فهل عذابُكِ عنّي اليوم مصروفُ
كأنها يومَ صَدَّتْ مَا تكلَّمنا ... ظبْيٌ بعُسْفان ساجي الطَّرْف مطروف
ثُمَّ قُتِلَ عفا الله عَنْهُ.