60 - أحمد بن محمد بن غالب بن خالد بن مرداس. أبو عبد الله الباهلي البصري، الزاهد، المعروف بغلام خليل.

60 - أَحْمَد بْن محمد بْن غالب بْن خَالِد بْن مرداس. أبو عبد الله الباهلي الْبَصْرِيُّ، الزاهد، المعروف بغلام خليل. [الوفاة: 271 - 280 ه]

نزيل بغداد، وشيخ العامة بها وصالحهم، ورأسهم فِي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ضعفه.

حَدَّثَ عَنْ دينار الَّذِي ادعى أنه سمع من أَنَس بْن مالك.

وَحَدَّثَ عَنْ: قُرَّةَ بْن حبيب، وسليمان الشاذكوني، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، وسهل بْن عُثْمَان العسْكريّ.

وَعَنْهُ: محمد بْن مخلد، وابن السماك، وأحمد بْن كامل.

قَالَ ابنُ أبي حاتم: سئل أبي عَنْهُ فقال: كان رجلًا صالحًا، لم يكن عندي ممّن يفتعل الحديث.

وقَالَ عبدان الأهوازي: قلت لعبد الرَّحْمَن بْن خراش: هَذِهِ الأحاديث الّتي يحدث بها غلام خليل لسليمان بْن بلال من أَيْنَ له؟ قَالَ: سرقه من عَبْد الله بْن شبيب. وسرقه ابنُ شبيب من النضر بْن سلمة الذي وضعها. -[497]-

وقال أبو بكر بن إسحاق الصبغي: غلام خليل ممن لا أشك فِي كذبه.

وكذا كذبه إِسْمَاعِيل القاضي.

وعن أبي دَاوُد السَجستاني، وذكر غلام خليل، قَالَ: ذاك دجال بغداد. عرض على من حديثه، فنظرت فِي أربع مائة حديث أسانيدها ومتونها كذبٌ كلها.

قلت: وقد كان لغلام خليل جلالة عظيمة ببغداد. وفيه حدة وتسرع. فقدم من واسط فِي أول سنة أربع وستين.

قال أبو سعيد ابن الأعرابي: فذكرت له هذه الشناعات، يعني خوض الصُّوفيّة فِي دقائق الأحوال الّتي يذمها أَهْل الأثر.

وقَالَ ابنُ الأعرابي: وذكر له بعض مذاهب البغداديين وقولهم بالمحبة، ولم يزل يبلغه عن الشاذ من أَهْل البصرة أنهم يقولون: نَحْنُ نحب ربنا وربنا يحبنا، وقد أسقط عنا خوفه بغلبة محبته. فكان ينكر هَذَا الخطأ بخطإ مثله، وأغلظ منه، حَتَّى جعل محبة الله بدعة. وقَالَ: إنما المحبة للمخلوقين، والخوف أفضل وأولى بنا. وليس هَذَا كما توهّم، بل المحبة والخوف أصلان من أصول الْإِيمَان لا يخلو المؤمن منهما، وإن كان أحدهما أغلب على بعض النّاس من بعض.

قَالَ: فلم يزل غلام خليل يقص بهم ويذكرهم فِي مجالسه ويحذر منهم، ويغري بهم السلطان والعامة، ويقول: كان عندنا بالبصرة قومٌ يقولون بالحلول، وأقوام يقولون بالإباحة، وأقوام يقولون كذا. تعريضًا بهم، وتحريضًا عليهم.

إِلَى أن قَالَ ابنُ الأعرابي: فانتشر فِي أفواه العامة أنّ جماعة من أَهْل بغداد ذكر عَنْهُمُ الزندقة.

وكانت السيدة والدة الموفَّق مائلة إِلَى غلام خليل، وكذلك الدولة والعوام لِما هُوَ عليه من الزهد والتقشف. فأمرت السيدة المحتسب أن يطيع غلام خليل، فطلب القوم، وفرق الأعوان فِي طلبهم وكتب أسماءهم، وكانوا نيفًا وسبعين نفساً، فاختفى عامتهم، وبعضهم خلصته العامة. والقصة فيها طول. وحبس جماعة منهم مدة. -[498]-

وقَالَ أَحْمَد بْن كامل: سنة خمسٍ وسبعين تُوُفيّ أبو عبد الله غلام خليل فِي رجب، وحمل فِي تابوت إِلَى البصرة. وغلقت أسواق مدينة السلام، وخرج الرجال والنساء والصبيان لحضور جنازته والصلاة عليه، ودفن بالبصرة، وبنيت عليه قبة.

قَالَ: وكان فصيحًا يعرب الكلام، ويحفظ علمًا عظيمًا، ويخضب بالحناء، ويقتات بالباقلاء صرفًا رحمه الله.

وقَالَ ابنُ عدي: سمعت أَبَا عَبْد الله النهاوندي يقول: قلت لغلام خليل: هَذِهِ الأحاديث الّتي ترويها؟ قَالَ: وضعناها لترقق القلوب.

وَفِي تاريخ بغداد أن أَبَا جَعْفَر الشعيري قَالَ: قلت لغلام خليل لمّا روى عن بَكْر بْن عِيسَى، عن أبي عوانة: يا أَبَا عَبْد الله هَذَا قديم الوفاة لم تلحقه. ففكر؛ وخفت أَنَا، فقلت: كأنّك سمعت من رَجُل بهذا الاسم عَنْهُ؟ فسكت وافترقنا؛ فَلَمَّا كان من الغد لقيته، فقال لي: إني نظرت البارحة فيمن سمعت منه بالبصرة، يُقَالُ له: بَكْر بْن عِيسَى، فوجدتهم ستّين رجلًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015