500 - مسلم بن الحجاج بن مسلم، الإمام أبو الحسين القشيري النيسابوري الحافظ.

500 - مُسْلِم بْن الحجّاج بْن مُسْلِم، الْإِمَام أبو الْحُسَيْن القُشَيْريّ النيَّسابوري الحافظ. [الوفاة: 261 - 270 ه]

صاحب الصّحيح. -[431]-

قَالَ بعض النّاس: وُلِدَ سنة أربعٍ ومائتين وما أظنّه إلّا وُلِدَ قبل ذلك.

سَمِعَ: سنة ثمان عشرة ومائتين ببلده مِن يحيى بْن يحيى، وبِشْر بْن الحَكَم، وإسحاق بْن راهَوَيْه.

وحجّ سنة عشرين، فَسَمِعَ مِنْ: القَعْنَبيّ، وهو أقدم شيخ له، ومن: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وأحمد بْن يُونُس، وعُمَر بْن حَفْص بْن غِياث، وسعيد بْن مَنْصُور، وخالد بْن خِدَاش، وجماعة يسيرة.

وردَّ إِلَى وطنه. ثُمَّ رحل فِي حدود الخمس وعشرين ومائتين فَسَمِعَ مِنْ عليّ بْن الْجَعْد، ولم يروِ عَنْهُ فِي صحيحه لأجل بدعةٍ ما.

وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَد بْن حنبل، وشَيْبان بْن فروُّخ، وخلف البزّار، وسعيد بْن عَمْرو الأشْعثيّ، وعَوْن بْن سلّام، وإبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن مهران الجمّال، ومحمد بْن الصَّبّاح الدُّولابيّ، وأبي نصر التّمّار، ويحيى بْن بِشْر الحريريّ، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد، وأُميّة بْن بِسْطام، وجعفر بْن حُمَيْد، وحبّان ابن مُوسَى المَرْوَزِيّ، والحَكَم بْن مُوسَى القَنْطَريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن سلّام الْجُمَحيّ، وخلْق كثير من العراقيّين، والحجازيّين، والشّاميّين، والمصريّين، والخراسانيّين فسمى له شيخنا في تهذيب الكمال مائتين وأربعة عشر شيخًا.

ورأيت بخطّ حافظ أنّه قد روى فِي صحيحه عن مائتين وسبعة عشر.

رَوَى عَنْهُ: الترمذي، حديثًا واحدًا فِي جامعه، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء، وعليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى الهلاليّ، وهما أكبر منه، وصالح بْن محمد جَزَرَة، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي، وهو من أقرانه، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرَّازيّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن صاعد، وأبو حامد ابن الشَّرقيّ، وأبو عوانة الإسفرايينيّ، وأبو حامد أحمد بن حمدون الأعمشي، وسعيد بْن عَمْرو البَرْذَعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ونَصْرَك بْن أَحْمَد بْن نصر الحُفّاظ، وأحمد بْن عليّ بْن -[432]- الْحُسَيْن القلانسيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان الفقيه، وأبو بَكْر محمد بْن النَّضْر الجاروديّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وخلْق آخرهُم وفاةً أبو حامد أَحْمَد بْن عليّ بن حسنوية المقرئ أحد الضعفاء.

ذكر الحافظ ابنُ عساكر فِي ترجمة مُسْلِم أنه سمع بدمشق من محمد بْن خَالِد السَّكسكيّ، ولم يذكر أنّه سمع من غيره.

وهذا بعيد، فلعلّه لقي محمد بْن خَالِد فِي الموسم، لكن قال ابن عساكر: حدَّثني أبو نَصر اليُونارْتيّ قَالَ: دفع إليَّ صالح بْن أبي صالح ورقة من لحاء شجرةٍ بخطّ مُسْلِم، قد كتبها بدمشق من حديث الْوَلِيد بْن مُسْلِم.

قلت: إنّ صح هَذَا فيكون قد دخل دمشق مجتازًا، ولم يُمْكنْه المُقام، أو مرض بها ولم يتمكّن من السّماع على شيوخها.

قَالَ أبو عَمْرو أحمد بْن الْمُبَارَك: سمعت إِسْحَاق بْن مَنْصُور يقول لمسلم بْن الحجّاج: لم نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين

وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: رَأَيْت أَبَا زُرْعة وأبا حاتم يقدّمان مُسْلِم بْن الحَجّاج فِي معرفة الصّحيح على مشايخ عصرهما.

وسمعت الحسين بْن مَنْصُور يقول: سمعت إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وذكر مُسْلِم بْن الحجّاج، فقال بالفارسيّة كلامًا معناه: أيّ رَجُل يكون هَذَا؟ قَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: وعُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذُكِر له حديث لم يعرفه، فانصرف إِلَى منزله وأوقد السِّراج، وقَالَ لِمن فِي الدّار: لا يدخل أحدٌ منكم. فَقِيلَ له: أُهْدِيَتْ لنا سلّة تمر.

فقال: قدِّموها.

فقدَّموها إليه، فكان يطلب الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح وقد فَنِي التّمرْ ووجد الحديث.

رواها الحاكم ثُمَّ قَالَ: زادني الثّقة من أصحابنا أنّه منها مات.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان ثقة من الحفّاظ، كتبت عنه -[433]- بالرِّيّ، وَسُئِلَ أبي عَنْهُ فقال: صدوق.

وقَالَ أبو قُرَيْش الحافظ: سمعت محمد بْن بشّار يقول: حُفاظ الدُّنيا أربعة: أبو زُرْعة بالرِّيّ، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدّارميّ بَسَمرْقَنْد، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.

وقَالَ أبو عَمْرو بْن حمدان: سَأَلت ابنُ عُقْدة الحافظ، عن الْبُخَارِيّ، ومسلم، أيُّهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالمًا ومسلم عالمًا.

فكرّرت عليه مِرارًا، ثُمَّ قَالَ: يا أَبَا عَمْرو، قد يقع لمحمد بْن إِسْمَاعِيل الغلط فِي أَهْل الشّام، وذلك أنّه أَخَذَ كُتُبَهم فنظر فيها، فربّما ذكر الواحد منهم بكُنْيته، ويذكره في موضع أُخَر باسمه ويتوهَّم أنَّهما اثنان، وأمّا مُسْلِم، فقلَّ ما يقع له من الغَلَط فِي العِلَل، لأنّه كتب المسانيد، ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل.

وقَالَ أبو عبد الله محمد بْن يعقوب بن الأخرم: إنّما أخْرَجَتْ نيسابور ثلاثة رجال: محمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومسلم بْن الحجّاج، وإبراهيم بْن أبي طَالِب.

وقَالَ الْحُسَيْن بْن محمد الماسَرْجِسيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلماً يقول: صنّفت هذا المسند الصّحيح من ثلاثمائة ألف حديثٍ مسموعة.

وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمة: كنت مع مُسْلِم فِي تأليف صحيحه خمسة عشر سنة. قَالَ: وهو اثنا عشر ألف حديث، يعني بالمكَّرر، بحيث أنّه إذا قَالَ: حدثنا قُتَيْبَةُ وابن رُمْح يعدُّهما حديثين، سواء اتّفق لفْظُهما أو اختلف.

وقَالَ ابنُ مَنْدَه: سمعت الحافظ أَبَا عليّ النيَّسابوري يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصّح من كتاب مُسْلِم.

وقَالَ مكي بْن عَبْدان: سمعت مسلمًا يقول: عرضت كتابي هَذَا المُسْنَد على أبي زُرْعة فكلّ ما أشار عليّ فِي هَذَا الكتاب أنّ له علّة وسببًا تركته. وكلّ ما قَالَ إنّه صحيح ليس له علّة، فهو الَّذِي أخرجت. ولو أنّ -[434]- أَهْل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فَمَدَارُهُم على هَذَا المُسْنَد.

وقَالَ مكي: سَأَلت مسلمًا عن عليّ بْن الْجَعْد فقال: ثقة، ولكنّه كان جهميّاً.

فسألته عن محمد بْن يزيد فقال: لا يكتب عنه.

وسألته عن محمد بْن عَبْد الوهّاب وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر فوثَّقهما.

وسألته عن قَطَن بْن إِبْرَاهِيم فقال: لا يُكتَب حديثه.

وممَّن صنَّف مستخرجًا على صحيح مُسْلِم أبو جَعْفَر أحمد بْن حمدان الحِيريّ، وأبو بَكْر محمد بْن محمد بْن رجاء النَّيسابوريّ، وأبو عَوَانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايينيّ، وأبو حامد الشّاركيّ الهَرَوِيّ، وأبو بَكْر محمد بن عبد الله الْجَوْزقيّ الشّافعيّ، وأبو عبد الله محمد بْن عَبْد الله الحاكم، وأبو الْحَسَن الماسَرِجسيّ، وأبو نُعَيْم الإصبهانيّ، وأبو الْوَلِيد حسّان بْن محمد الفقيه.

وقال أبو أحمد الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن عليّ النجار قال: سمعت إِبْرَاهِيم بْن أبي طَالِب يقول: قلت لمسلم: قد أكثرت فِي الصّحيح عن أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الوَهْبيّ، وحاله قد ظهر.

فقال: إنّما نقموا عليه بعد خروجي من مصر.

وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: لولا الْبُخَارِيّ لمّا راح مُسْلِم ولا جاء.

وقَالَ الحاكم: كان مَتْجَر مُسْلِم خان محْمَش، ومَعاشُه من ضِياعه بأُسْتُوا رأيت من أعقابه من جهة البنات فِي داره. وسمعت أبي يقول: رَأَيْت مُسْلِم بْن الحجّاج يحدّث فِي خان مَحْمِش، وكان تامّ القامة، أبيض الرأس واللّحية، يرخي طرف عمامته بين كتفيه.

وقَالَ أبو قُرَيْش: كنّا عند أبي زُرْعة، فجاء مُسْلِم فسلّم عليه وجلس ساعة وتَذَاكَرا، فَلَمَّا ذهبَ قلتُ له: هَذَا جمع أربعة آلاف حديث فِي الصّحيح! فقال أبو زُرْعة: لِمَ ترك الباقي؟ ثُمَّ قَالَ: ليس لهذا عقل لو داري محمد بن يحيى لصار رجلاً. -[435]-

وقَالَ مكّيّ بْن عَبْدان: وافى دَاوُد بْن عليّ نَيْسابور أيام إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، فعقدوا له مجلس النّظر، وحضر مجلسه يحيى بْن محمد بْن يحيى، ومسلم بْن الحَجّاج، فجرت مسألة تكلَّم فيها يحيى فَزَبَره دَاوُد وقَالَ: اسكت يا صبيّ. ولم ينصرْه مُسْلِم. فرجع إِلَى أَبِيهِ وشكى إليه دَاوُد، فقال أَبُوهُ: ومَن كان؟ ثُمَّ قَالَ: مُسْلِم ولم ينصرْني.

قَالَ قد رجعت عن كلّ ما حدّثته به.

فبلغ ذلك مسلمًا، فجمع ما كتب عَنْهُ فِي زنبيلٍ وبعث به إليه، وقَالَ: لا أروي عنك أبدًا، ثُمَّ خرج إِلَى عَبْد بْن حُمَيْد.

قَالَ الحاكم: علَّقت هَذِهِ الحكاية عن طاهر بْن أَحْمَد، عن مكّيّ. وقد كان مُسْلِم يختلف بعد هَذِهِ الواقعة إِلَى محمد، وإنّما انقطع عَنْهُ من أجل قصّة الْبُخَارِيّ.

وكان أبو عبد الله بْن الأخرم أعْرَف بِذَلِك، فأخبر عن الوحشة الأخيرة. وسمعته يقول: كان مُسْلِم بْن الحَجّاج يُظْهِر القول باللّفْظ ولا يكتمه. فَلَمَّا استوطن الْبُخَارِيّ نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقع بين الْبُخَارِيّ وبين محمد بْن يحيى ما وقع فِي مسألة اللّفظ، ونادى عليه، ومنعَ النّاس من الاختلاف إليه حَتَّى هجر وسافر من نيسابور، قال: فقطعه أكثر النّاس غير مسلم، فبلغ ذلك محمد بْن يحيى فقال يومًا: ألا مَن قَالَ باللَّفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا.

فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رؤوس النّاس، وبعثَ إليه بما كتب عنه على ظهر حمال.

وكان مُسْلِم يُظْهر القول باللَّفظ ولا يكتمه.

وقال أبو حامد ابن الشَّرقي: حضرت مجلس محمد بْن يحيى فقال: ألا مَن قَالَ: لفْظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسَنا فقام مُسْلِم من المجلس.

قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان مُسْلِم يناضل عن الْبُخَارِيّ حَتَّى أوحش ما بينه وبين محمد بْن يحيى بسببه.

قَالَ أبو عبد الله الحاكم: ذكْر مصنَّفات مُسْلِم: كتاب المُسْنَد الكبير على الرجال، وما أرى أنّه سمعه منه أحد، كتاب الجامع على الأبواب، رَأَيْت بعضه، كتاب الأسامي والكنَى، كتاب المُسْنَد الصّحيح، كتاب -[436]- التّمييز، كتاب العِلَل، كتاب الوحْدان، كتاب الأفراد، كتاب الأقران، كتاب سؤالات أَحْمَد بْن حنبل كتاب عَمْرو بْن شُعَيْب، كتاب الانتفاع بأُهُب السِّباع، كتاب مشايخ مالك، كتاب مشايخ الثَّوريّ، كتاب مشايخ شُعْبَة، كتاب من ليس له إلّا راوٍ واحد، كتاب المخضرمين، كتاب أولاد الصحابة، كتاب أوهام المحدثين، كتاب الطبقات، كتاب أفراد الشّاميّين، ثم سرد الحاكم تصانيف أخر تركتها.

وقَالَ ابنُ عساكر فِي أول كتاب الأطراف له بعد ذكر صحيح الْبُخَارِيّ، ثُمَّ سلك سبيله مُسْلِم، فأخذ فِي تخريج كتابه وتأليفه، وترتيبه على قسمين، وتصنيفه. وقصد أن يذكر فِي القسم الأول أحاديث أَهْل الإتقان، وَفِي القسم الثّاني أحاديث أَهْل السّتْر والصِّدق الّذين لم يبلغوا درجة المتثبتين، فحال حُلُولُ المنيَّة بينه وبين هَذِهِ الُأمْنية، فمات قبل استتمام كتابه. غير أنَّ كتابه مع إعْوازِهِ اشتهرَ وانتشر.

وذكر ابنُ عساكر كلاماً غير هذا.

وقال أبو حامد ابن الشَّرقي: سمعت مسلمًا يقول: ما وَضَعْتُ شيئًا فِي هَذَا المُسْنَد إلّا بحُجّة، وما أسْقَطتُ منه شيئًا إلّا بحجَّة.

وقَالَ ابنُ سُفْيَان الفقيه: قلت لمسلم: حديث ابنُ عجلان، عن زيد بن أسلم: وإذا قرأ فأنصتوا. قَالَ صحيح.

قلت: لِمَ لمْ تضعْه فِي كتابك؟

قَالَ: إنّما وضعت ما أجمعوا عليه.

قَالَ الحاكم: أراد مُسْلِم أن يخرج الصّحيح على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الرُّواة.

وقد ذكر مُسْلِم هَذَا فِي صدر خُطْبته.

قَالَ الحاكم: فلم يقدَّر له إلّا الفراغ من الطبقة الأولى، ومات.

ثُمَّ ذكر الحاكم ذاك القول الَّذِي هُوَ دعوى، وهو قَالَ أن لا يذكر من الحديث إلّا ما رواه صحابيّ مشهور، له راويان ثقتان فأكثر، ثُمَّ يرويه عَنْهُ تابعيّ مشهور، له أيضًا راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ كذلك مَن بعدهم. -[437]-

قَالَ أبو عليّ الْجَيّانيّ: المُراد بهذا أنّ هذا الصحابيّ أو هَذَا التابعيّ، قد روى عَنْهُ رجلان خرج بهما عن حدّ الجهالة.

قَالَ عِياض: وَالَّذِي تأوّله الحاكم على مُسْلِم من اخترام المَنِيّة له قبل استيفاء غَرَضه إلّا من الطبقة الأولى. فأنا أقول إنّك إذا نظرت تقسيم مُسْلِم فِي كتابه الحديث كما قَالَ على ثلاث طبقات من النّاس على غير تكرار. فذكر أنّ القسم الأول حديث الحُفّاظ، ثُمَّ قَالَ: إذا انقضى هَذَا أتْبَعَه بأحاديث من لم يوصف بالحِذْق والإتقان، وذكر أنّهم لاحقون بالطبقة الأولى، فهؤلاء مذكورون فِي كتابه لمن تدبَّر الأبواب، والطبقة الثالثة قومٌ تكلَّم فيهم قوم وزكّاهم آخرون، فخرج حديثهم عمن ضعِّف أو اتُّهِمَ بِبِدْعة. وكذلك فعل الْبُخَارِيّ.

قَالَ عياض: فعندي أنّه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه، وطرح الطّبقة الرابعة.

قال الحاكم: سمعت أَبَا عَبْد الله محمد بْن يعقوب يقول: تُوُفيّ مُسْلِم يوم الأحد، ودُفِنَ يوم الإثنين لخمسٍ بقين من رجب سنة إحدى وستيّن ومائتين.

قلت: وقبره مشهور بنيسابور ويزار، وتوفّي وقد قارب السّتّين.

وقد سمعت كتابه على زينب الكِنْدِيّة إِلَى النّكاح، وعلى ابنُ عساكر من النّكاح إِلَى آخر الصّحيح. كلاهما عن المؤيَّد الطّوسي كتابةً: قال أخبرنا الفراوي، قال أخبرنا الفارسيّ، قال أخبرنا ابن عمروية، عن ابن سفيان، عن مسلم.

وسمعه المزّيّ، والبرزاليّ، وطبقتهما قبلنا على القاسم الإربليّ ولي منه إجازةً بسماعه بقوله من الطُّوسيّ، وهو عدل مقبول.

وسمعه النّاس قبل ذلك على الرِّضَى التّاجر، وابن عبد الدّائم، وعلى المرسي وبِقَيْد الحياة منهم عددٌ كثير من الشّيوخ والكُهُول فِي وقتنا بمصر والشّام.

وسمعه النّاس قبل ذلك بحين على ابنِ الصّلاح، والسَّخاويّ، وتلك الحَلَبة بدمشق على رأس الأربعين وستّمائة، عن المؤيّد وأقرانه، وبمصر -[438]- على ابن الجباب، والمدلجيّ، عن المأموني.

فأحسن ما يُسمع فِي وقتنا على من تبقى من أصحاب هؤلاء لقدم سماعهم، فإنْ تعذر فعلى أجلّ أصحاب المذكورين قبلهم، وأجلهّم بالإقليمين علماً وفضلاً وثقة ونُبْلًا شيخ الْإِسْلَام أبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الفَزَاريّ الشّافعيّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وأرضاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015