ع: أبو ذر الغفاري اسمه جندب بن جنادة، على الصحيح، وقيل: جندب بن سكن، وقيل: برير بن عبد الله، أو ابن جنادة،

-ع: أَبُو ذَرّ الغِفَاريّ، اسمه جُنْدُب بْن جُنَادَةَ على الصَّحيح، وقيل: جُنْدُب بْن سَكَن، وقيل: بُرَيْرُ بْن عبد الله، أو ابن جُنَادة. [المتوفى: 32 ه]

أحد السّابقين الأوّلين، يقال: كان خامسًا في الإسلام، ثمّ انصرف إلى بلاد قومه، وأقام بها بأمر النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمّ لمّا هاجر النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجر أَبُو ذر إلى المدينة.

وروي أنه كان آدم جسيمًا، كثّ اللّحْية. -[219]-

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَشْهَدْ أَبُو ذَرٍّ بَدْرًا، وَإِنَّمَا أَلْحَقَهُ عُمَرُ مَعَ الْقُرَّاءِ، وَكَانَ يُوَازِي ابْنَ مَسْعُودٍ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، وَكَانَ زَاهِدًا أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ.

وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ ". حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَسُئِلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ: وَعَى عِلْمًا عَجَزَ النَّاسُ عَنْهُ، ثُمَّ أَوْكَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا.

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أحب لك ما أحب لنفسي فلا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ ".

وقال أبو غسان النهدي: حدثنا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: لَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ أَحَدٌ لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ولا نفسي، ثم ضرب بيده عَلَى صَدْرِهِ.

وَقَالَ بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ، جَعَلَ لَا يَزَالُ يَتَخَلَّفُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَخَلَّفَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ: " دَعُوهُ فَإِنْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ فسيلحقه اللَّهُ بِكُمْ "، حَتَّى قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَخَلَّفَ أَبُو ذر، فقال ماكان يَقُولُهُ، فَتَلَوَّمَ عَلَيْهِ بَعِيره، فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَخَذَ أَبُو ذَرٍّ مَتَاعَهُ فَجَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاشِيًا، وَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فقال: إن هذا لرجل يَمْشِي عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُنْ أَبَا ذَرٍّ "، فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ الْقَوْمُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: " يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُحْشَرُ وَحْدَهُ "، فَضَرَبَ الدَّهْرُ مِنْ -[220]- ضَرَبَهُ، وَسُيِّرَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ، فَمَاتَ بها، واتفق مرور عبد لله بْنِ مَسْعُودٍ بِهِ مِنَ الْكُوفَةِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَشَهِدَهُ، وَمَنَاقِبُ أَبِي ذَرٍّ كَثِيرَةٌ.

رَوَى عَنْهُ: أَنْس، وجُبَيْر بْن نُفَيْر، وزيد بْن وهب، وسعيد بْن المسيب، وأبو سالم الجَيْشاني سُفْيَان بْن هانئ، والأحنف بْن قيس، وعبد الرحمن بْن غَنْم الأشعريّ، وأبو مُراوِحْ، وقيس بْن عباد، وسُويد بْن غَفْلَة، وأبو إدريس الخَوْلاني، وعبد الله بْن الصّامت، والمعْرور بْن سُوَيْد، وأبو عثمان النَّهْدِيُّ، وخلْق سواهم.

وقد استوعب ابن عساكر في " تاريخ دمشق " أخباره وأحواله.

قَالَ حسين المُعَلّم، عَنِ ابن بُرَيْدة: كان أَبُو ذَرّ رجلًا أسودَ، كَثّ اللّحية. كان أَبُو موسى يُكْرِمه، ويقول: مرحبًا بأخي، فيقول: لستُ بأخيك، إنّما كنت أخاك قبل أن تُسْتَعْمَلَ.

ومن أخبار أبي ذَرّ أنّه كان شجاعا مقداما.

قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدثنا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عن خفاف بن إيماء بن رحضة قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَجُلًا يُصِيبُ، وَكَانَ شُجَاعًا يَنْفَرِدُ وَحْدَهُ وَيَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وَيُغِيرُ عَلَى الصِّرْمِ، كَأَنَّهُ السَّبُعُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَذَفَ في قلبه الإسلام.

فضيل بن مرزوق، قال: حدثتني جبلة بنت مصفى، عَنْ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِمَّا صَبَّهُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فِي صَدْرِهِ إلا قد صَبَّهُ فِي صَدْرِي، وَلا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا صَبَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي -[221]- صَدْرِي إِلا وَقَدْ صَبَبْتُهُ فِي صَدْرِ مَالِكِ بْنِ ضَمْرَةَ.

أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ: أَبُو ذَرٍّ وعاء ملئ علما، ثم أوكي عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى قُبِضَ.

شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُمْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَسَلْمَانَ، وَالْمِقْدَادِ ". أَبُو رَبِيعَةَ هَذَا خَرَّجَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

عبد الحميد بن بهرام: حدثنا شَهْرٌ، حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ خِدْمَتِهِ أَوَى إِلَى الْمَسْجِدِ، وكان هو بيته، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ لَيْلَةً فَوَجَدَهُ نَائِمًا، فنَكَتَهُ بِرِجْلِهِ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ: " أَلا أَرَاكَ نَائِمًا "؟ قَالَ: فَأَيْنَ أَنَامُ؟ فَجَلَسَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَخْرَجُوكَ مِنْهُ "؟ قال: ألحق بالشام. قَالَ: " كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَخْرَجُوكَ مِنْهَا "؟ قَالَ: إِذًا أَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ بَيْتِي وَمَنْزِلِي. قال: فكيف أنت إذا أَخْرَجُوكَ مِنْهُ الثَّانِيَةَ؟ قَالَ: إِذًا آخُذُ سَيْفِي فأقاتل حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَكَشَّرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " أَدُلُّكَ عَلَى خير من ذلك: تنقاد لهم حيث قادوك حَتَّى تَلْقَانِي وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ". أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أحمد.

الأوزاعي قال: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ، وَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى يَسْتَفْتُونَهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَمْ يَنْهَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْفُتْيَا؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَرَقِيبٌ أَنْتَ عَلَيَّ! لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ، ثُمَّ ظَنَنْتُ إِنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لَأَنْفَذْتُهَا.

رَوَاهُ غَيْرُ واحد عن الأوزاعي. واسم أبي أَبِي كَثِيرٍ مَرْثَدٌ، صَدُوقٌ. -[222]-

عن ثعلبة بن الحكم، عَنْ عليّ قَالَ: لم يبق أحدٌ لَا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ولا نفسي. ثمّ ضرب بيده على صدره.

الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ قَامَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: بَشِّرِ الْكَنَّازِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا رد عليه شيئا، وذكر الحديث وهو حديث صحيح.

ابن لهيعة قال: حدثنا أبو قبيل: قال: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزِّيَادِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا كَعْبُ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالًا فَمَا تَرَى؟ قَالَ: إِنْ كَانَ - يَعْنِي زَكَّى - فَلَا بَأْسَ، فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ عَصَاهُ فَضَرَبَ كَعْبًا، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ وَيُتَقَبَّلُ مِنِّي أَذَرُ خَلْفِي مِنْهُ سِتَّ أَوَاقٍ. أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ أَسَمِعْتَهُ مِرَارًا؟ قَالَ: نَعَمْ.

جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ قَالَ: تَنَاجَى عُثْمَانُ وَأَبُو ذَرٍّ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو ذَرٍّ مُبْتَسِمًا وَقَالَ: سَامِعٌ مُطِيعٌ وَلَوْ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ عَدْن. وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الرَّبَذَةِ.

الأَعْمَشُ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي عُثْمَانُ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى رَأْسِي لَمَشَيْتُ.

وَعَنْ أَبِي جُوَيْرِيَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ لِعُثْمَانَ: وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَحْبُوَ لَحَبَوْتُ مَا اسْتَطَعْتُ.

أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، افْتَحِ الباب لا تحسبني مِنْ قَوْمٍ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ -[223]- كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرِّمِيَّةِ، يَعْنِي الْخَوَارِجَ.

العوام بن حوشب قال: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ شَيْخٍ وَامْرَأَتِهِ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ، قَالا: نَزَلْنَا بِالرَّبَذَةِ، فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ أَشْعَثُ، فَقَالُوا: هَذَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَّاهُ أَنْ نَغْسِلَ رَأْسَهُ، فَأَذِنَ لَنَا وَاسْتَأْنَسَ بِنَا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا ذَرٍّ فَعَلَ بِكَ هَذَا الرَّجُلُ وَفَعَلَ، فَهَلْ أَنْتَ نَاصِبٌ لَكَ رَايَةً؟ فَقَالَ: لَا تُذِلُّوا السُّلْطَانَ فَإِنَّهُ مَنْ أَذَلَّ السُّلْطَانَ فَلا تَوْبَةَ لَهُ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَبَنِي عَلَى أَطْوَلِ خَشَبَةٍ لَسَمِعْتُ وَصَبَرْتُ وَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لِي.

حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَتْ أُمُّ ذَرٍّ: وَاللَّهِ مَا سَيَّرَ عُثْمَانُ أَبَا ذَرٍّ - تَعْنِي إِلَى الرَّبَذَةِ - وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " إِذَا بَلَغَ الْبِنَاءُ سلْعًا فَاخْرُجْ مِنْهَا ".

ابن شَوْذَبٍ، عن غالب القطان قال: قلت: يا أبا سعيد أَعُثمان أخْرَجَ أبا ذَرّ؟ قَالَ: مَعَاذ الله.

أَبُو سعيد هو الحسن.

أَبُو هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ عَطَاؤُهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَإِذَا أَخَذَهُ دَعَا خَادِمَهُ فَسَأَلَهُ مَا يَكْفِيهِ لِلسَّنَةِ فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ اشْتَرَى فُلُوسًا بِمَا بَقِيَ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ وِعَاءِ ذَهَبٍ وَلا فِضَّةٍ يُوكَأُ عَلَيْهِ إِلا وَهُوَ يَتَلَظَّى عَلَى صَاحِبِهِ.

الأوزاعي، عَنْ يحيى قَالَ: كان لأبي ذَرّ ثلاثون فَرَسًا يحمل عليها، فكان يحمل على خمسة عشر منها يغزو عليها ويُريح بقيتها، فإذا رجعت حمل على الخمسة عشر الأخرى.

ثابت البُنَانيّ قَالَ: بنى أَبُو الدَّرْدَاء مسْكنًا فمرّ عليه أَبُو ذَرّ، فَقَالَ: مَا هذا؟ تعمُر دارًا أمر الله بخرابها!؟

حسين المُعَلّم، عَنِ ابن بُرَيْدة، قَالَ: كان أَبُو موسى يُكْرِم أبا ذَرّ، وكان أَبُو موسى خفيف اللَّحْم، قصيرًا، وكان أَبُو ذَرّ رجلًا أسود، كثّ -[224]- الشَّعر، فكان أَبُو موسى، يَقُولُ: مرحبًا بأخي، فيقول: لستُ بأخيك، إنّما كنت أخاك قبل أن تُسْتَعْمل.

قيل: لم يَعِشْ بعده ابنُ مسعود إلا نحو عشر أيام.

وقال الجريري: حدثنا أَبُو الْعَلاءِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ بِثَرِيدَةٍ، فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، ثُمَّ انْفَتَلَ فَأَكَلَ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ مَا كُنْتُ أَخَافُ أَنْ تَكْذِبَنِي! قَالَ: مَا كَذَبْتُ، إِنِّي صُمْتُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَكُتِبَ لِي أَجْرُهُ وَحُلَّ لِي الطعام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015