فيها عُزِل الوليد بْن عُقْبة عَنِ الكوفة بسعيد بْن العاص، فغزا سعيد طَبَرِسْتان، فحاصرهم، فسألوه الأمان، على ألا يقتل منهم رجلًا واحدًا، فقتلهم كلَّهم إلَّا رجلًا واحدا، يفتي نفسه بذلك.
وفيها فُتِحَتْ جور من أرض فارس على يد ابن عامر فغنم شيئًا كثيرًا. وافتتح ابن عامر في هذا القُرب بلادًا كثيرة من أرض خُراسان.
قَالَ داود بْن أبي هند: لمّا افتتح ابن عامر أرضَ فارس سنة ثلاثين، هرب يزّدَجِرْد بْن كِسْرى فاتبعه ابن عامر، ومُجاشع بْن مسعود السُّلمي، ووجَّه ابنُ عامر، فيما ذكر خليفة، زيادَ بْن الربيع الحارثيّ إلى سَجَسْتَان فافتتح زالق وناشروذ، ثمّ صالح أهل مدينة زَرَنْج على ألف وصِيف مع كلّ وصِيف جام من ذَهَب. ثمّ توجَّه ابن عامر إلى خُراسان وعلى مقدمته الأحنف بْن قيْس، فلقي أهلَ هَرَاة فهزمهم.
ثُمَّ افتتح ابن عامر أبْرَشَهْر - وهي نَيْسابور - صُلْحًا، ويقال: عَنْوةً. وكان بها فيما ذكر غير خليفة ابنتا كسرى بْن هُرْمز. وبعث جيشًا فتحوا طوس وأعمالها صُلْحًا. ثُمَّ صالح من جاءه من أهل سَرَخْس على مائةٍ وخمسين ألفًا. وبعث الأسود بْن كلثوم العَدَويّ إلى بَيْهَق. وبعث أهل مَرْو يطلبون الصُّلح، فصالحهم ابن عامر على ألفيْ ألف ومائتي ألف.
وسار الأحنف بْن قيس في أربعة آلاف، فجمع له أهل طَخَارِستان وأهل الجَوْزَجان والفارياب، وعليهم طوقانشاه، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ هزم الله المشركين، وكان النصر.
ثُمَّ سار الأحنف على بلْخ، فصالحوه على أربعمائة ألف. ثمّ أتى خُوارزْم فلم يُطِقْها ورجع. وفتحت هراة ثم نكثوا. -[183]-
وَقَالَ ابن إسحاق: بعث ابن عامر جيشًا إلى مرو فصالحوا وفُتِحَت صُلحًا.
ثُمَّ خرج ابن عامر من نيسابور معتمرًا وقد أحرم منها، واستخلف على خُراسان الأحنف بْن قيس، فلمّا قضى عُمْرَته أتى عثمان رضي الله عنه واجتمع به، ثمّ إنّ أهل خُراسان نقضوا وجمعوا جمْعًا كثيرًا وعسكروا بمرو، فنهض لقتالهم الأحنف وقاتلهم فهزمهم، وكانت وقعة مشهورة.
ثُمَّ قدم ابن عامر من المدينة إلى البصرة، فلم يزل عليها إلى أن قُتِلَ عثمان، وكذا معاوية على الشام.
ولما فتح ابن عامر هذه البلاد الواسعة كثُرَ الخراجُ على عثمان وأتاه المال من كلّ وجه حتى اتّخذ له الخزائن وأدَرّ الأرزاق، وكان يأمر للرجل بمائة ألف بَدْرَةٍ في كل بَدْرَةٍ أربعة آلاف وافية.
وَقَالَ أَبُو يوسف القاضي: أخرجوا من خزائن كسرى مائتي ألف بَدْرَةِ في كلّ بَدْرَة أربعة آلاف.