قَالَ الْوَاقِدِيُّ: إِنَّهَا فِي الْمُحرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ. وَهِيَ نَاحِيَةُ مَعْدِنِ بَنِي سُلَيْمٍ. وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ.
وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَغَهُ أَنَّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ جَمْعًا مِنْ سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ. فَلَمْ يجد في المحال أَحَدًا، وَوَجَدَ رِعَاءً مِنْهُمْ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ يَسَارٌ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ظَفَرَ بِالنَّعَمِ، فَانْحَدَرَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاقْتَسَمُوهَا بِصِرَارٍ؛ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتِ النَّعَمُ خَمْسَمِائَةِ بَعِيرٍ، وَأَسْلَمَ يَسَارٌ.
الْقَرْقَرَةُ أَرْضٌ مَلْسَاءُ، وَالْكُدْرُ طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرَارَةُ الْكُدْرِ؛ يَعْنِي أَنَّهَا مُسْتَقَرُّ هَذَا الطَّيْرِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَا:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ بَشِيرَيْنِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ فَبَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى أَهْلِ السَّافِلَةِ، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى أَهْلِ الْعَالِيَةِ، فَبَشَّرُوا وَنَعَوْا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ وَالْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ كعب بن الأشرف لعنه الله قَالَ: وَيْلَكُمْ، أَحَقٌّ هَذَا؟ هَؤُلَاءِ مُلُوكُ الْعَرَبِ وَسَادَةُ النَّاسِ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَنَزَلَ عَلَى عَاتِكَةَ بِنْتِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعَيْصِ، وَكَانَتْ عِنْدَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، فَجَعَلَ يَبْكِي عَلَى قَتْلَى قُرَيْشٍ، وَيُحَرِّضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: