كان يرودها، وهي انه يتكون حين كان الشعر المشرقي يشهد تجديد بشار وأبي نواس، ويقف على مفترق الطريق بين مذهبي أبي تمام والبحتري، ولما كان سكان الأندلس يلتفتون في كل شيء إلى المشرق، فقد اتخذوا من شعر المشارقة المحدثين مثالا يقلدونه، ونورا يهتدون به، أي انهم جعلوا المحدث؟ لا شعر العرب الأوائل - موروثا لهم ينسجون على منواله، ويستوحون ما فيه، وهذه الحقيقة كفيلة بتفسير جانب كبير من مظاهر الشعر الأندلسي في هذا الدور.
المؤدبون؟ أثرهم في نشأة الأدب والمقاييس النقدية
وقد كان القائم بأمر هذا الشعر المحدث وتقريبه إلى دارسي الأدب طبقة من المؤدبين، ارتحل أكثرهم إلى المشرق، واعترف مما فيه من علم وأدب، وعاد يدرس في جامع قرطبة، وقرطبة يومئذ " دار القوم "، فإلى هؤلاء وإلى المهاجرين من طلاب الحاجات، والى تشجيع الحاكمين يومئذ، يعزى في إدخال ضروب الثقافة المشرقية بلاد الأندلس، من حديث وفقه ولغة وشعر وسير. وكان من أوائل الكتب اللغوية التي هاجرت بصحبتهم كتب الأصمعي والكسائي والفراء والرياشي وأبي حاتم وابن الأعرابي وكتابا الفرش والمثال في العروض للخليل بن احمد وكتاب يعقوب بن السكيت في إصلاح المنطق ومؤلفات ابن قتيبة وأبي عبيد القاسم بن سلام، كما كان النحوي وابن قاسم أول من ادخلا كتاب العين للخليل (?) أما في الشعر فان محمد بن عبد الله الغازي (- 269) جلب الأشعار المشروحات كلها (?) ، وهاجر عباس بن ناصح لما سمع بنجوم أبي نواس، وروى شعره (?) . ويجب ان ننوه هنا بمقدار ما أحرزه شعر