وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ (20) - أَبْقَاهُ اللَّهُ- قَالَ:
لَمَّا دَخَلَ الْغَزَالِيُّ هَذَا إِلَى بَغْدَادَ الْمَحْرُوسَةِ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ شَيْخُ الشيوخ (ق) - بِأَظنةَ أَبَا الْبَرَكَاتِ إِسْمَاعِيلَ (21) بْنَ أَبِي سَعْدِ جدّ ابن سكينة (ك) - فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَرْدٌ كَثِيرٌ، وَفِي مُقَابَلَتِهِ صَبِيٌّ أَمْرَدُ، حُلْوُ الْجَمَالِ، وَقَد حَالَ الْوَرْدُ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا جَلَسَ شَيْخُ الشُّيُوخِ، عَلِمَ أَبُو الْفُتُوحِ الْغَزَالِيُّ أَنَّ بَاطِنَهُ قَدْ تَغَيَّرَ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنَّكَ تُنْكِرُ عَلَيَّ فِي بَاطِنَكَ قُعُودِي عَلَى هَذَهِ الْحَالِ، وَبَيْنَ يَدَيَّ مَا تَرَى. فَقَالَ: حَاشَى لِلَّهِ. فَقَالَ: بَلَى، لَوْ أَنِّي أَفْعَلُ هَذَا عَلَى مَا تَظُنُّ وَاسْتَأْذَنْتَ عَلَيَّ، أَمَرْتُ هَذَا الصَّبِيَّ فَقَامَ وَغَابَ عَنْكَ، وَتَهَيَّأْتُ لَكَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِي أَنْ تَرَانِيَ عَلَيْهِ، قُمْ يَا أَحْمَقُ. فَقَامَ شَيْخُ الشُّيُوخِ وَخَرَجَ، وَكَانَ آخِرَ عَهْدِهِ به (ل) أَوْ كَمَا قَالَ: هَذَا أَكْثَرُ لَفْظِهِ. أَيَّدَهُ الله- ومعناه ... (م) .
ذكر أبو سعد عبد الكريم ابن السَّمْعَانِيِّ (22) أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَنَزَلَ بِرِبَاطِ شَيْخِ الشيوخ (23) وجلس للوعظة وتوفي بقزوين (24) [في] (ن) حُدُودِ سَنَةِ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» . وَأَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أُسْتَاذُ والدي، أبو يعلى ابن الْفَرَّاءِ (25) قَالَ: سَمِعْتُ الْغَزَالِيَّ هَذَا يُنْشِدُ عَلَى كرسيّه في مجلس وعظه: [الكامل] :
مَا هَذَهِ الْأَلْفُ الَّتِي قَدْ زِدْتُمُ ... فَدَعَوْتُمُ الْخُوَّانَ بِالْإِخْوَانِ
/ مَا صَحَّ مِنْ أَحَدٍ فَأَدْعُوَهُ أَخًا ... فِي اللَّهِ مَحْضًا لَا وَلَا الشَّيْطَانِ
إِمَّا مُوَلٍّ عَنْ وِدَادِي مَا لَهُ ... وَجْهٌ ولنا من له وجهان (هـ)
وَوَجَدْتُ هَذَهِ الْأَبْيَاتِ فِي آخِرِ دِيوَانٍ مِنْ دواوين شعر أبي القاسم محمد بن هاني الْمَغْرِبِيِّ (26) . وَذَكَرَهَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ الْأَزْدِيُّ (27) فِي كِتَابِ «أُنْمُوذَجِ شُعَرَاءِ الْمَغْرِبِ» لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ وَيُعْرَفُ بِابْنِ شَرَفٍ (28) .
اخْتَصَرَ أَبُو الْفُتُوحِ أَحْمَدُ كِتَابَ أَخِيهِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسَمَّى